الأحد، أغسطس 10، 2008

(4) الدخول في الفراغ

لقد سبق الحديث عن خط الزمن وتم بيان المواقع الثلاثة للزمن من ماضي وحاضر ومستقبل. وتم الحديث كذلك عن الفرق بين أن يكون الفرد في الزمن أو خلال الزمن. وهذان الصنفان أتضح أنه يمكن التنقل بينهما، بحسب الظروف والاحتياج، تطويرا للذات، لنكون كما نشاء، لا كما تشاء الأحداث.
وهناك تقنية جميلة تجعل الفرد منا يستطيع أن يكون خلال الزمن فيرى الزمن كله أمامه، حيث الماضي على اليمين والمستقبل على اليسار، وذلك من خلال التخطيط بجدول زمني طولي يحوي الأشهر والأيام من اليمين إلى اليسار، بحيث ترى الزمن أمامك في خط طولي من اليمين إلى اليسار بداية من الماضي في أقصى اليمين لأول أشهر السنة و أول أيام الشهر، إلى أقصى اليسار الذي يحوي أخر الأشهر وأخر الأيام في السنة. هذا النظر الدائم لخط الزمن من اليمين إلى اليسار هو تطوير لخط الزمن الدهني، بدلا من أن يكون فوق وتحت إشارة إلى الماضي في الخلف والمستقبل في الأمام، لمن هم في الزمن.
ويمكن التعرف على حقيقة النوعية لمن هم في أو خلال الزمن من خلال القدرة على التذكر للأحداث. إن الفرد الذي يستطيع أن يتذكر تفاصيل دقيقة في الحدث، فهو إنسان يعيش في الزمن. أما الذي يتذكر عموم الحدث، فهو يعيش خلال الزمن.
كذلك بالنسبة لحركة العين. الذي يرفع عينيه فوق وتحت، فهو في الزمن كأنه يبحث عن الماضي خلفه، فترتفع عينيه إلى الأعلى. أما الذي يكون خلال الزمن فتراه ينظر يمين أو يسار. أيضا تشير اللغة على نوعية التعامل مع الزمن. هنا تجد الذي يكون في الزمن يقول لك فلنرجع إلى الماضي. أما من يكون خلال الزمن فيقول فلنذهب إلى الماضي ويشير لك إلى اليمين، أو العكس.
كذلك بالنسبة للإحساس النفسي، فمن يكون في الزمن، تراه ينسى الماضي بسهولة ، لأنه قد أصبح خلفه لا يراه. أما من يكون خلال الزمن، فهو يعيش معاناة الماضي سلبا وإيجابا، لأنه يراه أمامه دوما.
ولكن هل هذا هو كل شيء فيما يتعلق بخط الزمن؟ هل يمكن الخروج من الزمن لنصبح في الفراغ لا تعيش في أي من كل ذلك، كأنك خرجت في الفضاء؟
هل جربت وأنت على خط الزمن أن ترجع إلى الماضي، إلى ما قبل الولادة؟ هل جربت الذهاب إلى ما هو قبل ذلك من تاريخ مجيد لأمتك وتراثك يمتد عبر تاريخ البشرية في حياة الأنبياء وما يتضمنه من بذل وتضحيات؟ كيف سيكون تأثير ذلك على مشاعرك؟ هل لا زلت فردا قاصرا لقيمة له إلا إنتاجه الشخصي المحدود؟ هل جربت ما أبعد من ذلك مستقبلا بحيث تسافر إلى ما بعد الموت، من حساب وجنة ونار، وكل ذلك مصدر طاقة لا ينضب، بدلا من أن تقتصر على جهدك الفرد في حياتك المنحصرة على سنوات معدودة.
وهنا بعد أن حددنا الرؤية والرسالة، فإننا نريد أن نبدأ من الصفر ونبدأ حياتنا من جديد. نريد أن نخرج من الماضي والمستقبل الحالي إلى ماضي ومستقبل جديد. نريد أن نخرج إلى الفراغ ثم نعود إلى خطنا الزمني من جدد، بشخصية جديدة.
والتقنية بسيطة جدا، رغم فاعليتها، تنحصر في الخطوات التالية:
(1) أرسم خط الزمن سواء رسما أو خطا أو علامة على الأرض واضحة المعالم، وحدد كل من الماضي والحاضر والمستقبل،
(2) قف على لحظة الحاضر، مهما كان نوع خط زمنك، وأنظر إلى الماضي وتذكر بعض معالمه وأحداثه، وكذلك أنظر إلى المستقبل وتأمل بعض معالمه وأحداثه،
(3) أخرج من خط الزمن، من أي جهة كانت، وأنظر إلى لحظة الحاضر كأنك تراها أمامك،
(4) تقدم إلى الأمام خمسة خطوات متجاوزا خط الزمن، وأجعله خلفك ....؟
الذي حصل هنا أنك خرجت من الزمن وأصبحت كأنك في فارغ، وكأنك في الفضاء، لا تشعر بشيء مما تعيشه في الحاضر، وتنسى كل شيء حولك، ولو مؤقتا، حتى تعود إلى الحاضر بعد لحظات بنفسية أخرى، لتفكر من جديد، وبرؤية ورسالة جديدة.
هنا الذي حصل أنك خرجت من الزمن الذي عشته بماضيه المديد وكأنك قد ولدت من جديد. أنت اليوم شخص جديد. أنت اليوم تصنع زمنك. ماضيك لم تصنعه أنت، بل صنعته الظروف العديدة التي سمحت لها بالتدخل في حيتك.
ولكن بدأ من اليوم: أنا شخص جديد. اليوم سوف أبدأ أصنع زمني. لقد خرجت في الفراغ وسوف أعود إلي زمني أنا الذي سوف أصنعه من جديد. لأكون أنا الذي أريد. (بعون الله وتأيده)، الذي جعل لكل شيء سببا والذي لن يغير ما بزمني حتى أغير ما بنفسي. وأنا اليوم قد غيرت نفسي، لذلك سوف تتغير حياتي كلها بإذن الله لناء على رؤيتي ورسالتي الجدية التي أريد. ولن أنسى أن الله قد سخر لي السموات والأرض.
كذلك تعين هذه التقنية على التفكير بعقلانية وبرؤية مجردة للتأمل في الأحداث من موقع فريد من نوعه بعيد عن معاناة الماضي والحاضر والمستقبل.
- كذلك قد تعين هذه التقنية في التخلص ، ولو مؤقتا، من معاناة بعض الأمراض النفسية أو الجسدية، من خلال تذكر الماضي في قمة الصحة قبل المرض، والمستقبل وقد تم الشفاء بإذن الله، وبالذات إذا كان الفرد المستفيد في حالة استرخاء، وبذلك يعود الفرد إلى الحاضر بنفسية جديدة.

ليست هناك تعليقات: