بعد اسم الله, الرحمن الرحيم, الذي به نبدأ وننتهي, حيث هو الأول والآخر, وبعد الصلاة على الحبيب المصطفي, صلى الله عليه وسلم, يكون الحديث مباركا. فآللهم أرنا الحق حقا, وارزقنا إتباعه, وأرنا الباطل باطلا, وارزقنا إجتنابه. آمين.
إن هذا الوطن الحبيب يعقد كل أماله, في الحاضر والمستقبل, على كوادره ومكتسباته الوطنية. وأولادنا, والذين هم أبنائنا وبناتنا, أهم هذه الكوادر, بل ومن أهم المكتسبات الوطنية: المواطن الإنسان.
ومن أجل ذلك يتم تشييد المحاضن التربوية من مدارس ومعاهد وكليات وجامعات. ومن أجل ذلك يتم تهيئة المعلمون والمعلمات في معاهد متخصصة ليتخرج منها المربي, الذي يقوم بتشكيل الكادر منذ نعومة أظافره, طفلا صغيرا في مرحلة الروضة, ثم التمهيدي, إلى بقية مراحل الدراسة, قبل أن ينتقل هذا التلميذ, أو التلميذة, إلى مفرق الطريق في دراسته الجامعية أو المهنية.
وفي تلك المحاضن التربوية يتم تكملة ما تم غرسه في البيت, والذي هو المحضن الأول للكادر الوطني, وذلك عبر مفردات التعليم للمواد الدراسية, والتي تم إعدادها بعناية من قبل متخصصون في التربية وعلم النفس والاجتماع, وذلك من أجل أن تتوافق وتتناغم مع خطط واستراتيجيات الوطن المستقبلية. وبعد تخرج هذا الكادر من دراسته, يكون مهيئا لخدمة الوطن, بما تم ترسيخه في قدراته الجسدية والعقلية والروحية.
وإلى جانب مفردات النشاط الصفي الذي تحتويه المناهج الدراسية المكتوبة, توجد هناك مفردات غير مكتوبة قد تفوق, وقد تتساوى أهميتها مع سائر المفردات المكتوبة. ومن أعظم المفردات, غير المكتوبة, مصطلح فن وأدب الحوار. هذه المفردة الحساسة يتم ترسيخها ودعمها في المدارس, بعد أن تم بنائها في البيوت.
وفي هذا الحديث الإذاعي يتم, بعون الله وتوفيقه, التركيز على ما يتم غرسه, أولا وأكثر أهمية, في البيوت من زراعة بذرة الحوار, كمهارة من مهارات الاتصال, والتي تحتوي علي كل من عنصري الاستماع والحديث مع العديد من المهارات التي سوف يتم بسطها لاحقا في أحاديث لاحقة, بعون الله وتوفيقه.
أيها المواطن الكريم, إن من أهم الأسباب, التي يمكن أن نجعلها سببا في انحراف بعض أبناء الوطن في خطيئة الإرهاب, فقدان مهارة الحوار. ونقصد بفن الحوار أن يتقن أولادنا مهارة الاستماع, أولا أكثر, مما يتحدث, فقد جعل الله لنا عينان في أعلى الرأس لنشاهد أولا, وأذنان تحتهم لنسمع ثانيا, ولكن فم واحد تحت الجميع, وذلك يعني أن يكون حديثنا خُمس قدراتنا, ولنتحدث بعد أن نشاهد ونستمع.
ويتوجب على الوالدين أن يعطوا أولادهم نموذجا رمزيا عمليا على هذا الفن المفقود والنادر, وذلك بأن يستمعوا لسؤال, وحديث, وشكوى, ومعاناة أولادهم. لقد تعودت بعض نماذج المجتمعات العربية أن يكون الابن والبنت هو المستمع فقط لما يُمليه عليه من حوله من كبار. وبذلك يكون ألولد, دوما, هو المستمع والمستقبل, فقط. هذا الاستماع والاستقبال الجبري لا يصنع لدي أولادنا فن الاستماع, بل هو الكبت للمشاعر حتى تنفجر, ولا تدري متى وكيف تنفجر.
وإذا لم يستمتع الوالدين باستماعهم لولدهم, فسوف يتوجه الأولاد إلى غير والديهم. وهناك لن يجد الأبناء الآذان والعقول المخلصة والمثقفة, بل الغث السمين, بل وقد يكون مُغرضا, بل ويتصيد في الماء العكر. وهنا سوف يدفع الوالدين الثمن قناطير غالية حُرقة وحُزنا ساعات وأياما, لأنهم, أصلا, لم يدفعوا دراهم دقائق معدودات ينصتوا فيها لأولادهم.
هذا الاستماع لأولادنا يحقق العديد من الإيجابيات. أولا أنه تنفيس وتفريغ إيجابي لشحنة وتساؤل, إذا لم يتم خروجه إيجابيا, فسوف يخرج سلبيا. كذلك فإن هذا الحوار هو إجابة صحيحة لسؤال يحير الولد. وفي حالة أننا لم نعرف الإجابة لحيرة وتساؤل الولد, فإننا نبحث له عنها من مصدرها الصحيحة. ولكن في حالة أننا لم نستمع لسؤالهم, مهما كان مٌحرجا, فإنهم سوف يتوجهون بنفس السؤال إلى من سوف يجيب عليه بطريقة ليست خاطئة, بل وخطرة, بل وتقود إلى غيرها من المخاطر والمحرمات. وهكذا يتشكل العقل في إيجاد الإجابات على ما يحير العقل في الخفاء.
ومن إيجابيات الحوار, ثانيا, أننا نعطي أولادنا التدريب العملي على مخاطبة من هم أكبر سنا. ولكن في حالة عدم التدرب على ذلك في سن التعلم, تصبح هذه المهارة صعبة حين يسعى لتعلمها وهو كبير في السن لم يتلق ألا أن الكبير يصدر الأمر صراخا إلى الصغار. وأن الصغير لا يملك الحق في مخاطبة الكبير, بل ينتظر أن يصبح كبيرا ليثبت حقه بقوة السن. وهكذا يتشكل تفكير وتخطيط الولد على أن ينتظر الفرصة ليثبت حقه بالقوة, أو بالخفاء مع بعض الجهات التي تعينه في الخفاء في الإجابة على تساؤلاته.
ومن أهم إيجابيات الحوار, ثالثا, أنه تمرين عضلي للعقل ليتحرك في خطين استقبالا لمعلومة وإرسالا لمعلومة أخرى, بدل من أن يتحرك في عضلة واحدة للاستقبال. وإذا تربى عقل الطفل على عضلة واحد مستقبلا, حافظا, مرددا للمعلومة دون تساؤل أو حوار, فإنه يصبح أداة تنفيذ دون أن يسأل : (لماذا؟).
وهكذا إذا صار ذلك الطفل شابا, فإنه عقله لا يزال عضلة واحدة تتحرك في كيفية التنفيذ والاستقبال, دون أن يسأل : لماذا؟ وهكذا يخسر الأب مستشارا له كان من الممكن أن يكون عضدا وذراعه اليمين يشير عليه بما يمكن أن يعينه على تطوير وضعه. ولكن نظرا لأن الولد تربى على أن يكون مستقبلا للمعلومة, فإنه لن يكون مستشارا, بل أداة تنفيذ فقط.
هذا النوع من العقول سوف يكون من السهل خداعها, لأنها تعودت أن تتحرك في توجه واحد للاستقبال دون نقاش أو اعتراض. وهذا النوع من العقول يتصيده الإرهابيون لقمة سهل ابتلاعها لينفذ دون نقاش.
ولكن في حالة إعطاء الولد فرصة أن يسأل, ويناقش, ويحاور فإنه عضلة خط الإرسال في عقله تتنشط مبكرا. وهكذا ينشأ هذا الولد مستشارا بحق لوالديه في حالة كبر أحدهما أو كلاهما. هذا النوع من الولد سيكون لقمة صعبه مضغها, ناهيك عن بلعها. وهذا النوع يصعب على الإرهابيين خداعه, حيث أن هذا النوع سوف يسأل : لماذا؟ ما هي الاحتمالات؟ ما هي التوقعات الممكنة؟
أي نوع من تريد ولدك أن يكون؟ مُنفِذا أو مُستشارا؟
الخيار بين يديك بأن تسمح لولدك, الذكر منه والأنثى, منذ نعومة أظافره أن يسأل : (لماذا؟) ناهيك أن يقول (لا). هل ترضى أن يقول لك ابنك :(لا)؟ الأفضل لك, خاصة في مستقبلك بعد أن تضعف, أن يكون ابنك قويا. ولكن في حالة أنك ربيته ضعيفا وهو صغير, فسوف ينشأ ضعيفا وهو كبيرا.
لذلك, ناقش ابنك وأسأله رأيه. وتستطيع أن تدربه قليلا, وتدريجيا, كأن تسأله رأيه فيما يريد أن يشتري في العيد من ملا بس جديدة. بل تستطيع أن تجرب أن تعلمه أن يقول (لا) بأن تعرض عليه لباسا غير جميلا, حتى يقول (لا) وتقبل منه ذلك ليشعر بطعم القدرة على الرفض وإعطاء الرأي. دربه أن يسألك عما لا يعرف. دربه أن يقول رأيه فيما حوله: أسأله, ما رأيك؟
وبالطبع, أن يتم كل ذلك بأسلوب شرعنا السمح, الذي يعطي الحق بأسلوب حق, فلا نقول الحق بالباطل, ولا الباطل بالحق.
وهكذا يتعلم أولادنا في محضن البيت نموذجيا وعمليا, بل وممزوجا بالحب, كيف يعبرون بالحوار عن معاناتهم. ومع مرور العمر تزداد وتتنوع المعاناة, بدأ بالخلاف مع أخيه على اللعبة, إلى الخلاف مع الزميل على المنصب, إلى الخلاف مع بقية آلوان الطيف الفكرية في ساحات المجتمع.
لذلك يأتي بعد فن الاستماع أن يتقن أحدنا أدب الحديث, والذي من جوانبه وسائل إبداء الاعتراض وكيف نقول (لا). لذلك يحوي إسلامنا وعاداتنا أدب الحديث وسائل الهجوم المؤدب على رأي الآخر, دون تسفيه أو تجريح. كل هذه المهارات الاتصالية وغيرها كثير جدير به أن نُلقنه أبنائنا مع الغذاء.
فيا أيها الأب والأم إذا أردتم ضمان مستقبل أولادكم, ذكورا وإناثا, فذلك يكمن محوره في زرع بذرة الحوار بأن يسأل, بل ويرفض. وطبعا كل ذلك بأدب إسلامي يعطي الحقوق دون أن يفرط في الواجبات, سواء بسواء. وبذلك تنشط قدرات الولد العقلية استقبالا وإرسالا للمعلومات. وبذلك يصير ولدك, بحق, مكتسبا وكادرا وطنيا يساهم في الحفاظ, بل وإنشاء بقية المكتسبات الوطنية.
إن هذا الوطن الحبيب يعقد كل أماله, في الحاضر والمستقبل, على كوادره ومكتسباته الوطنية. وأولادنا, والذين هم أبنائنا وبناتنا, أهم هذه الكوادر, بل ومن أهم المكتسبات الوطنية: المواطن الإنسان.
ومن أجل ذلك يتم تشييد المحاضن التربوية من مدارس ومعاهد وكليات وجامعات. ومن أجل ذلك يتم تهيئة المعلمون والمعلمات في معاهد متخصصة ليتخرج منها المربي, الذي يقوم بتشكيل الكادر منذ نعومة أظافره, طفلا صغيرا في مرحلة الروضة, ثم التمهيدي, إلى بقية مراحل الدراسة, قبل أن ينتقل هذا التلميذ, أو التلميذة, إلى مفرق الطريق في دراسته الجامعية أو المهنية.
وفي تلك المحاضن التربوية يتم تكملة ما تم غرسه في البيت, والذي هو المحضن الأول للكادر الوطني, وذلك عبر مفردات التعليم للمواد الدراسية, والتي تم إعدادها بعناية من قبل متخصصون في التربية وعلم النفس والاجتماع, وذلك من أجل أن تتوافق وتتناغم مع خطط واستراتيجيات الوطن المستقبلية. وبعد تخرج هذا الكادر من دراسته, يكون مهيئا لخدمة الوطن, بما تم ترسيخه في قدراته الجسدية والعقلية والروحية.
وإلى جانب مفردات النشاط الصفي الذي تحتويه المناهج الدراسية المكتوبة, توجد هناك مفردات غير مكتوبة قد تفوق, وقد تتساوى أهميتها مع سائر المفردات المكتوبة. ومن أعظم المفردات, غير المكتوبة, مصطلح فن وأدب الحوار. هذه المفردة الحساسة يتم ترسيخها ودعمها في المدارس, بعد أن تم بنائها في البيوت.
وفي هذا الحديث الإذاعي يتم, بعون الله وتوفيقه, التركيز على ما يتم غرسه, أولا وأكثر أهمية, في البيوت من زراعة بذرة الحوار, كمهارة من مهارات الاتصال, والتي تحتوي علي كل من عنصري الاستماع والحديث مع العديد من المهارات التي سوف يتم بسطها لاحقا في أحاديث لاحقة, بعون الله وتوفيقه.
أيها المواطن الكريم, إن من أهم الأسباب, التي يمكن أن نجعلها سببا في انحراف بعض أبناء الوطن في خطيئة الإرهاب, فقدان مهارة الحوار. ونقصد بفن الحوار أن يتقن أولادنا مهارة الاستماع, أولا أكثر, مما يتحدث, فقد جعل الله لنا عينان في أعلى الرأس لنشاهد أولا, وأذنان تحتهم لنسمع ثانيا, ولكن فم واحد تحت الجميع, وذلك يعني أن يكون حديثنا خُمس قدراتنا, ولنتحدث بعد أن نشاهد ونستمع.
ويتوجب على الوالدين أن يعطوا أولادهم نموذجا رمزيا عمليا على هذا الفن المفقود والنادر, وذلك بأن يستمعوا لسؤال, وحديث, وشكوى, ومعاناة أولادهم. لقد تعودت بعض نماذج المجتمعات العربية أن يكون الابن والبنت هو المستمع فقط لما يُمليه عليه من حوله من كبار. وبذلك يكون ألولد, دوما, هو المستمع والمستقبل, فقط. هذا الاستماع والاستقبال الجبري لا يصنع لدي أولادنا فن الاستماع, بل هو الكبت للمشاعر حتى تنفجر, ولا تدري متى وكيف تنفجر.
وإذا لم يستمتع الوالدين باستماعهم لولدهم, فسوف يتوجه الأولاد إلى غير والديهم. وهناك لن يجد الأبناء الآذان والعقول المخلصة والمثقفة, بل الغث السمين, بل وقد يكون مُغرضا, بل ويتصيد في الماء العكر. وهنا سوف يدفع الوالدين الثمن قناطير غالية حُرقة وحُزنا ساعات وأياما, لأنهم, أصلا, لم يدفعوا دراهم دقائق معدودات ينصتوا فيها لأولادهم.
هذا الاستماع لأولادنا يحقق العديد من الإيجابيات. أولا أنه تنفيس وتفريغ إيجابي لشحنة وتساؤل, إذا لم يتم خروجه إيجابيا, فسوف يخرج سلبيا. كذلك فإن هذا الحوار هو إجابة صحيحة لسؤال يحير الولد. وفي حالة أننا لم نعرف الإجابة لحيرة وتساؤل الولد, فإننا نبحث له عنها من مصدرها الصحيحة. ولكن في حالة أننا لم نستمع لسؤالهم, مهما كان مٌحرجا, فإنهم سوف يتوجهون بنفس السؤال إلى من سوف يجيب عليه بطريقة ليست خاطئة, بل وخطرة, بل وتقود إلى غيرها من المخاطر والمحرمات. وهكذا يتشكل العقل في إيجاد الإجابات على ما يحير العقل في الخفاء.
ومن إيجابيات الحوار, ثانيا, أننا نعطي أولادنا التدريب العملي على مخاطبة من هم أكبر سنا. ولكن في حالة عدم التدرب على ذلك في سن التعلم, تصبح هذه المهارة صعبة حين يسعى لتعلمها وهو كبير في السن لم يتلق ألا أن الكبير يصدر الأمر صراخا إلى الصغار. وأن الصغير لا يملك الحق في مخاطبة الكبير, بل ينتظر أن يصبح كبيرا ليثبت حقه بقوة السن. وهكذا يتشكل تفكير وتخطيط الولد على أن ينتظر الفرصة ليثبت حقه بالقوة, أو بالخفاء مع بعض الجهات التي تعينه في الخفاء في الإجابة على تساؤلاته.
ومن أهم إيجابيات الحوار, ثالثا, أنه تمرين عضلي للعقل ليتحرك في خطين استقبالا لمعلومة وإرسالا لمعلومة أخرى, بدل من أن يتحرك في عضلة واحدة للاستقبال. وإذا تربى عقل الطفل على عضلة واحد مستقبلا, حافظا, مرددا للمعلومة دون تساؤل أو حوار, فإنه يصبح أداة تنفيذ دون أن يسأل : (لماذا؟).
وهكذا إذا صار ذلك الطفل شابا, فإنه عقله لا يزال عضلة واحدة تتحرك في كيفية التنفيذ والاستقبال, دون أن يسأل : لماذا؟ وهكذا يخسر الأب مستشارا له كان من الممكن أن يكون عضدا وذراعه اليمين يشير عليه بما يمكن أن يعينه على تطوير وضعه. ولكن نظرا لأن الولد تربى على أن يكون مستقبلا للمعلومة, فإنه لن يكون مستشارا, بل أداة تنفيذ فقط.
هذا النوع من العقول سوف يكون من السهل خداعها, لأنها تعودت أن تتحرك في توجه واحد للاستقبال دون نقاش أو اعتراض. وهذا النوع من العقول يتصيده الإرهابيون لقمة سهل ابتلاعها لينفذ دون نقاش.
ولكن في حالة إعطاء الولد فرصة أن يسأل, ويناقش, ويحاور فإنه عضلة خط الإرسال في عقله تتنشط مبكرا. وهكذا ينشأ هذا الولد مستشارا بحق لوالديه في حالة كبر أحدهما أو كلاهما. هذا النوع من الولد سيكون لقمة صعبه مضغها, ناهيك عن بلعها. وهذا النوع يصعب على الإرهابيين خداعه, حيث أن هذا النوع سوف يسأل : لماذا؟ ما هي الاحتمالات؟ ما هي التوقعات الممكنة؟
أي نوع من تريد ولدك أن يكون؟ مُنفِذا أو مُستشارا؟
الخيار بين يديك بأن تسمح لولدك, الذكر منه والأنثى, منذ نعومة أظافره أن يسأل : (لماذا؟) ناهيك أن يقول (لا). هل ترضى أن يقول لك ابنك :(لا)؟ الأفضل لك, خاصة في مستقبلك بعد أن تضعف, أن يكون ابنك قويا. ولكن في حالة أنك ربيته ضعيفا وهو صغير, فسوف ينشأ ضعيفا وهو كبيرا.
لذلك, ناقش ابنك وأسأله رأيه. وتستطيع أن تدربه قليلا, وتدريجيا, كأن تسأله رأيه فيما يريد أن يشتري في العيد من ملا بس جديدة. بل تستطيع أن تجرب أن تعلمه أن يقول (لا) بأن تعرض عليه لباسا غير جميلا, حتى يقول (لا) وتقبل منه ذلك ليشعر بطعم القدرة على الرفض وإعطاء الرأي. دربه أن يسألك عما لا يعرف. دربه أن يقول رأيه فيما حوله: أسأله, ما رأيك؟
وبالطبع, أن يتم كل ذلك بأسلوب شرعنا السمح, الذي يعطي الحق بأسلوب حق, فلا نقول الحق بالباطل, ولا الباطل بالحق.
وهكذا يتعلم أولادنا في محضن البيت نموذجيا وعمليا, بل وممزوجا بالحب, كيف يعبرون بالحوار عن معاناتهم. ومع مرور العمر تزداد وتتنوع المعاناة, بدأ بالخلاف مع أخيه على اللعبة, إلى الخلاف مع الزميل على المنصب, إلى الخلاف مع بقية آلوان الطيف الفكرية في ساحات المجتمع.
لذلك يأتي بعد فن الاستماع أن يتقن أحدنا أدب الحديث, والذي من جوانبه وسائل إبداء الاعتراض وكيف نقول (لا). لذلك يحوي إسلامنا وعاداتنا أدب الحديث وسائل الهجوم المؤدب على رأي الآخر, دون تسفيه أو تجريح. كل هذه المهارات الاتصالية وغيرها كثير جدير به أن نُلقنه أبنائنا مع الغذاء.
فيا أيها الأب والأم إذا أردتم ضمان مستقبل أولادكم, ذكورا وإناثا, فذلك يكمن محوره في زرع بذرة الحوار بأن يسأل, بل ويرفض. وطبعا كل ذلك بأدب إسلامي يعطي الحقوق دون أن يفرط في الواجبات, سواء بسواء. وبذلك تنشط قدرات الولد العقلية استقبالا وإرسالا للمعلومات. وبذلك يصير ولدك, بحق, مكتسبا وكادرا وطنيا يساهم في الحفاظ, بل وإنشاء بقية المكتسبات الوطنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق