المنظور :
تختلف العلاقة بين اثنين, ومثال ذلك الطالب والمدرس من أستاذ لآخر, بل ومن طلاب وآخرين. ومنطلق هذا الاختلاف يعود إلى "منظور" الفرد في الحياة. يعيش بعض المعلمون حياتهم مع من حولهم من منظور السهم الرأسي الهابط من الأعلى إلى الأسفل. لذلك تجد هذا الفرد يعيش وحده في برجه العاجي. وتجد هذا الأسلوب في الحياة "ينعكس" في أسلوب التعليم. وهنا تجد المدرس يقوم "بإلقاء" المادة العلمية من برجه العاجي إلى من هم في أسفل البرج, دون محاولة منه أن ينزل إلى مستوى من حوله لإنشاء علاقة, وليتحسس مستوى الفهم. وهنا تجد قاعة الدرس تخلو من الحوار ومن النقاش, بل هو تحرك أحادي المصدر, (من مرسل إلى مستقبل), لا ينتج عنه إلا مزيدا من العقم والؤاد الفكري. لذلك تجد قاعة الدرس - المنطلقة من هذا المنظور - جافة يغلب عليها طابع الجمود والجفاء, لأنها تخلو من العلاقة الإنسانية.
ولكن تجد في المقابل البعض الآخر الذي يعيش حياته بمنظور السهم الثنائي النصل أفقيا. ذلك يعني أنه يعيش مع من حوله من منظور السهم الأفقي الثنائي النصل. لذلك تجد هذا الفرد يختلط مع من حوله باختلاف مستوياتهم الثقافية والمادية. وتجد هذا الأسلوب في الحياة "ينعكس" في أسلوب التعليم. وهنا تجد المدرس يقوم "بمحاورة" المادة العملية مع طلابه. وهنا تجد قاعة الدرس تعيش في روح من الحوار والنقاش الذي يثري العقل, فهو تحرك للمعلومة ما بين "مصدرين" طرف وأخر, وليس من مرسل إلى مستقبل. لذلك تجد قاعة الدرس - المنطلقة من هذا المنظور - مليئة بالحيوية ويغلب عليها طابع الحب والتفاهم, لأنها مفعمة بالعلاقة الإنسانية.
وبالطبع, هناك اهتمام من الطرفان في التركيز على المادة العلمية. لذلك يسعى هذا النوع إلى الحصول على الدرجة العلمية أو الراتب, دون اكتراث بالعلاقة الإنسانية. وهنا تجد - نتيجة لهذا المنظور الرأسي- الجفاف في قاعة الدرس لأن كلا من الطرفان لا يكترث بالعلاقة الإنسانية. وهنا تجد كل من المدرس والطالب ينتظر نهاية المدة الزمنية للمحاضرة بفارغ الصبر, فقد حصل كل على ما يريد.
ولكن يعيش البعض بمنظور العلاقات الإنسانية والمنظور الأفقي, لذلك تجده يحرض على أن يصنع مع من حوله التعارف, دون أن يكون من وراء ذلك أي نوع من الأهداف غير المشروعة نظاما وشرعا. وقد يسيء البعض, سواء كان طالبا أو أستاذا, إلى هذا الأسلوب بحيث يصبح الهدف هو الاستغلال للآخر للحصول على منافع دنيوية تنافي الإيمان والنظم. لذلك تجد بعض من لا يؤمن باليوم الآخر - سواء كان طالبا أو أستاذا - يستغل الآخر للحصول على منافع غير المشروعة نظاما وشرعا.
ولكن في الجانب المقابل هناك بعض المدرسين ممن يؤمن باليوم الآخر, ويعيش بهذا الهدف, ويسعى إلى يصنع علاقة أخوية مع الطلاب بهدف التناصح والتآخي. لذلك تجد القاعة الدراسية التي تعيش هذه الروح يكتنفها الحوار والنقاش والتحفز العلمي, بل والعلامات العالية والمتفوقة, مهما كانت المادة العلمية صعبة.
التحدي :
وبالطبع فإن لكل إيجابية سلبيات قد تكتنفها, فليس هناك خير محض, وليس هناك شر محض. وبالطبع فهناك سلبيات "جانبية" من وراء أي علاقة بين طرفين, ولكنها ليست حتمية. ورغم ذلك فإنه مهما كانت السلبيات في أي تحرك, فإن الإيجابيات هي المقصد, ويمكن تلافي السلبيات بوضع إجراءات نظامية للحد منها. (وإذا أخذنا بقاعدة درأ المفاسد - فقط, فلن يكون هناك أي تطور).
ومهما كانت النية فإن هذا الأسلوب الأفقي والأخوي في العلاقة بين الأستاذ والطالب يجعل الطالب "يتفاعل" مع المادة العالمية حبا في المدرس, حتى وإن لم يتحصل على منافع جانبية غير شرعية أو غير نظامية. وهنا تجد الطالب, لا شعوريا, يجد حلاوة وتفاعلا مع الدرس, فيفهم دون حاجة للمذاكرة المرهقة, ويجد نفسه مندفعا لأداء واجبات الدرس دون ملل أو تعب, انطلاقا من المثل الشعبي القائل : (تعبك راحة). لذلك فمهما كانت نية الطرفان, فإن إيجابيات العلاقة الإنسانية الأفقية أكثر من إيجابيات العلاقة الجافة الرأسية. والعكس كذلك صحيح.
وهناك العديد من الحلول لإيجاد وتكوين العلاقة الأفقية بين المدرس والطالب, منها النشاط اللا صفي ضمن الأقسام على مستوي الجامعات, مثلا. ومثل الرحلات العلمية أو غير العلمية, إضافة إلى نشاطات عمادة شئون الطلاب التي يتوجب أن تكتنف المدرسين, ولا تقتصر على الطلاب.
الحل :
ولكن البداية دوما في التطوير تتم من خلال تغيير المنظور الذي ينطلق منه الفرد في الحياة, (فتغيير "التصور" يسبق تغيير "التصرف", لذلك جاء الإيمان قبل الإسلام). المقصود هنا أن يتم بث العديد من "التصورات" كقيمة العلاقة الإنسانية, والصداقة, الحوار, والنقاش. وبعد أن يتم بث هذه "التصورات", يمكن الحديث بعد ذلك عن "التصرفات" والنشاطات والسلوكيات غير المنهجية. (فقبل أن تزرع "القدرة", لا بد بداية أن تحرث "القيمة").
والمهم في كل ما سبق أن الأمة العربية تعيش فترة "حرجة" أظهرت على السطح العديد من السلبيات التي يجب أن نعترف بها, وأن لا نضع رأسنا في الترب. إن غيبة الحوار بين الأب وإبنه, وبين المدرس والطالب صنعت "فجوة" بين الأجيال. وبالطبع لا بد أن يسد هذا الفراغ أي عنصر "دخيل". وهنا يدخل صديق السوء : سواء سائق العائلة, أو زميل الدراسة أو في منطقة السكن, أوعبر الشبكة العنكبوتية. وكل هؤلاء يحملون من المعلومات السلبية القاصرة أكثر من حملهم للصورة المتكاملة والواقعية والعلمية, ذلك مبلغهم من العلم, فيفسدون في الأرض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ولكن اللوم لا يقع حقيقة على هذا الابن الذي اتخذ من الشيطان قرينا, فساء قرينا, ذلك مبلغه من العلم, بل اللوم حقيقة يقع على البيت والمدرسة, بداية الأمر. اللوم الحقيقي يقع على الوالدين الذين صنعوا "الفجوة" بينهم وبين أبنائهم. تجد الأب مشغول بجمع المال, والأم مشغولة بجمع الصديقات. والابن تتفرغ له الشغالة, والسائق, والصديق, والإعلام. ماذا تتوقع النتيجة?
وفي حالة وجود علاقة بين الابن وبين والديه, تجد ذلك المنظور الأحادي النصل الرأسي الهابط من المرسل إلى المستقبل يشكل العلاقة بين الاثنين, فتجد كل من الأب والأم "يرسل" الأوامر, دون نقاش أو حوار, إلى الابن المسكين, الذي "يستقبل" المعلومة دون حوار منهجي لبيان الفرق بين الصح والخطأ. القضية مجرد أمر ونهي, مرسل ومستقبل. لا وجود للحوار أو المنطق في ساحة العلاقة بين الأب والابن, إلا من رحم الله.
وبعد بلوغ الابن سن الدراسة يتم نفيه إلى "غياهب" الحشو التعليمي, إلا من رحم الله. وفي محاضن التعليم يتم "تكملة" صياغة وبرمجة (المنهج الأحادي الرأسي) في العلاقة بين طرفين. وهنا يدخل المدرس إلى قاعة الدرس "ليرسل" وليلقي بالمادة العلمية على رأس الطالب, الذي "يستقبل" هذه المعلومات دون نقاش أو حوار منطقي لأسباب الخطأ أو لأسباب الصواب.
وهنا تشكل عقلية وشخصية المواطن على مجرد الاستقبال, دون أن يكون للعقل "دور" في مناقشة المعلومة المستقبلة. ومن هنا يكمن الداء. لو تدرب وتبرمج الفرد على "مناقشة" ما يستقبله من معلومات, "لناقش" المفسدون في الأرض, ولكنه - مسكين - تشكل وتبرمج عقله على مجرد (الاستقبال).
ومن هنا يكمن الدواء في إعادة صياغة وبرمجة عقلية الفرد على "مناقشة" ما يستقبله من معلومات, وفي ديننا السمح الأمثلة الكبرى على هذا "المنهج" في التشكيل والبرمجة والعلاقة. هل تتذكر ماذا قال الملائكة للمولى عز وجل عند طرحه - سبحانه وتعالى - لفكرة جعل خليفة في الأرض? هل تتذكر مقولة سيدنا إبراهيم عليه السلام للمولى عز وجل عن قدرته سبحانه في إحياء الموتى, وكيف رد - سبحانه مالك الملك - على هذه المحاورة والنقاش? هل تتذكر مقولة الصحابة للمصطفى صلى الله عليه وسلم عن "مصداقية" اختيار موقع الجيش المسلم في موقعة بدر? وغير ذلك كثير, بل يكفينا التصريح الرباني في العلاقة الإنسانية التي تكتنف المجتمع المسلم: ( وأمرهم شورى بينهم), ,38 الشورى. هذا هو النموذج الرباني في العلاقة بين أطراف المجتمع المسلم اتصالا "أفقيا" بين طرف وآخر, وليس "رأسيا" بين مرسل ومستقبل.
المستقبل :
وتستطيع – بإبداعك - أن توسع دائرة هذا النقاش وهذا الطرح في هذه المقالة على العلاقة الزوجية, والعلاقة الإدارية بمختلف المستويات, بل وفي العلاقة الدولية بين الدول. هل أنت أفقي, أم أنك رأسي؟ هل فهمتني؟
تختلف العلاقة بين اثنين, ومثال ذلك الطالب والمدرس من أستاذ لآخر, بل ومن طلاب وآخرين. ومنطلق هذا الاختلاف يعود إلى "منظور" الفرد في الحياة. يعيش بعض المعلمون حياتهم مع من حولهم من منظور السهم الرأسي الهابط من الأعلى إلى الأسفل. لذلك تجد هذا الفرد يعيش وحده في برجه العاجي. وتجد هذا الأسلوب في الحياة "ينعكس" في أسلوب التعليم. وهنا تجد المدرس يقوم "بإلقاء" المادة العلمية من برجه العاجي إلى من هم في أسفل البرج, دون محاولة منه أن ينزل إلى مستوى من حوله لإنشاء علاقة, وليتحسس مستوى الفهم. وهنا تجد قاعة الدرس تخلو من الحوار ومن النقاش, بل هو تحرك أحادي المصدر, (من مرسل إلى مستقبل), لا ينتج عنه إلا مزيدا من العقم والؤاد الفكري. لذلك تجد قاعة الدرس - المنطلقة من هذا المنظور - جافة يغلب عليها طابع الجمود والجفاء, لأنها تخلو من العلاقة الإنسانية.
ولكن تجد في المقابل البعض الآخر الذي يعيش حياته بمنظور السهم الثنائي النصل أفقيا. ذلك يعني أنه يعيش مع من حوله من منظور السهم الأفقي الثنائي النصل. لذلك تجد هذا الفرد يختلط مع من حوله باختلاف مستوياتهم الثقافية والمادية. وتجد هذا الأسلوب في الحياة "ينعكس" في أسلوب التعليم. وهنا تجد المدرس يقوم "بمحاورة" المادة العملية مع طلابه. وهنا تجد قاعة الدرس تعيش في روح من الحوار والنقاش الذي يثري العقل, فهو تحرك للمعلومة ما بين "مصدرين" طرف وأخر, وليس من مرسل إلى مستقبل. لذلك تجد قاعة الدرس - المنطلقة من هذا المنظور - مليئة بالحيوية ويغلب عليها طابع الحب والتفاهم, لأنها مفعمة بالعلاقة الإنسانية.
وبالطبع, هناك اهتمام من الطرفان في التركيز على المادة العلمية. لذلك يسعى هذا النوع إلى الحصول على الدرجة العلمية أو الراتب, دون اكتراث بالعلاقة الإنسانية. وهنا تجد - نتيجة لهذا المنظور الرأسي- الجفاف في قاعة الدرس لأن كلا من الطرفان لا يكترث بالعلاقة الإنسانية. وهنا تجد كل من المدرس والطالب ينتظر نهاية المدة الزمنية للمحاضرة بفارغ الصبر, فقد حصل كل على ما يريد.
ولكن يعيش البعض بمنظور العلاقات الإنسانية والمنظور الأفقي, لذلك تجده يحرض على أن يصنع مع من حوله التعارف, دون أن يكون من وراء ذلك أي نوع من الأهداف غير المشروعة نظاما وشرعا. وقد يسيء البعض, سواء كان طالبا أو أستاذا, إلى هذا الأسلوب بحيث يصبح الهدف هو الاستغلال للآخر للحصول على منافع دنيوية تنافي الإيمان والنظم. لذلك تجد بعض من لا يؤمن باليوم الآخر - سواء كان طالبا أو أستاذا - يستغل الآخر للحصول على منافع غير المشروعة نظاما وشرعا.
ولكن في الجانب المقابل هناك بعض المدرسين ممن يؤمن باليوم الآخر, ويعيش بهذا الهدف, ويسعى إلى يصنع علاقة أخوية مع الطلاب بهدف التناصح والتآخي. لذلك تجد القاعة الدراسية التي تعيش هذه الروح يكتنفها الحوار والنقاش والتحفز العلمي, بل والعلامات العالية والمتفوقة, مهما كانت المادة العلمية صعبة.
التحدي :
وبالطبع فإن لكل إيجابية سلبيات قد تكتنفها, فليس هناك خير محض, وليس هناك شر محض. وبالطبع فهناك سلبيات "جانبية" من وراء أي علاقة بين طرفين, ولكنها ليست حتمية. ورغم ذلك فإنه مهما كانت السلبيات في أي تحرك, فإن الإيجابيات هي المقصد, ويمكن تلافي السلبيات بوضع إجراءات نظامية للحد منها. (وإذا أخذنا بقاعدة درأ المفاسد - فقط, فلن يكون هناك أي تطور).
ومهما كانت النية فإن هذا الأسلوب الأفقي والأخوي في العلاقة بين الأستاذ والطالب يجعل الطالب "يتفاعل" مع المادة العالمية حبا في المدرس, حتى وإن لم يتحصل على منافع جانبية غير شرعية أو غير نظامية. وهنا تجد الطالب, لا شعوريا, يجد حلاوة وتفاعلا مع الدرس, فيفهم دون حاجة للمذاكرة المرهقة, ويجد نفسه مندفعا لأداء واجبات الدرس دون ملل أو تعب, انطلاقا من المثل الشعبي القائل : (تعبك راحة). لذلك فمهما كانت نية الطرفان, فإن إيجابيات العلاقة الإنسانية الأفقية أكثر من إيجابيات العلاقة الجافة الرأسية. والعكس كذلك صحيح.
وهناك العديد من الحلول لإيجاد وتكوين العلاقة الأفقية بين المدرس والطالب, منها النشاط اللا صفي ضمن الأقسام على مستوي الجامعات, مثلا. ومثل الرحلات العلمية أو غير العلمية, إضافة إلى نشاطات عمادة شئون الطلاب التي يتوجب أن تكتنف المدرسين, ولا تقتصر على الطلاب.
الحل :
ولكن البداية دوما في التطوير تتم من خلال تغيير المنظور الذي ينطلق منه الفرد في الحياة, (فتغيير "التصور" يسبق تغيير "التصرف", لذلك جاء الإيمان قبل الإسلام). المقصود هنا أن يتم بث العديد من "التصورات" كقيمة العلاقة الإنسانية, والصداقة, الحوار, والنقاش. وبعد أن يتم بث هذه "التصورات", يمكن الحديث بعد ذلك عن "التصرفات" والنشاطات والسلوكيات غير المنهجية. (فقبل أن تزرع "القدرة", لا بد بداية أن تحرث "القيمة").
والمهم في كل ما سبق أن الأمة العربية تعيش فترة "حرجة" أظهرت على السطح العديد من السلبيات التي يجب أن نعترف بها, وأن لا نضع رأسنا في الترب. إن غيبة الحوار بين الأب وإبنه, وبين المدرس والطالب صنعت "فجوة" بين الأجيال. وبالطبع لا بد أن يسد هذا الفراغ أي عنصر "دخيل". وهنا يدخل صديق السوء : سواء سائق العائلة, أو زميل الدراسة أو في منطقة السكن, أوعبر الشبكة العنكبوتية. وكل هؤلاء يحملون من المعلومات السلبية القاصرة أكثر من حملهم للصورة المتكاملة والواقعية والعلمية, ذلك مبلغهم من العلم, فيفسدون في الأرض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ولكن اللوم لا يقع حقيقة على هذا الابن الذي اتخذ من الشيطان قرينا, فساء قرينا, ذلك مبلغه من العلم, بل اللوم حقيقة يقع على البيت والمدرسة, بداية الأمر. اللوم الحقيقي يقع على الوالدين الذين صنعوا "الفجوة" بينهم وبين أبنائهم. تجد الأب مشغول بجمع المال, والأم مشغولة بجمع الصديقات. والابن تتفرغ له الشغالة, والسائق, والصديق, والإعلام. ماذا تتوقع النتيجة?
وفي حالة وجود علاقة بين الابن وبين والديه, تجد ذلك المنظور الأحادي النصل الرأسي الهابط من المرسل إلى المستقبل يشكل العلاقة بين الاثنين, فتجد كل من الأب والأم "يرسل" الأوامر, دون نقاش أو حوار, إلى الابن المسكين, الذي "يستقبل" المعلومة دون حوار منهجي لبيان الفرق بين الصح والخطأ. القضية مجرد أمر ونهي, مرسل ومستقبل. لا وجود للحوار أو المنطق في ساحة العلاقة بين الأب والابن, إلا من رحم الله.
وبعد بلوغ الابن سن الدراسة يتم نفيه إلى "غياهب" الحشو التعليمي, إلا من رحم الله. وفي محاضن التعليم يتم "تكملة" صياغة وبرمجة (المنهج الأحادي الرأسي) في العلاقة بين طرفين. وهنا يدخل المدرس إلى قاعة الدرس "ليرسل" وليلقي بالمادة العلمية على رأس الطالب, الذي "يستقبل" هذه المعلومات دون نقاش أو حوار منطقي لأسباب الخطأ أو لأسباب الصواب.
وهنا تشكل عقلية وشخصية المواطن على مجرد الاستقبال, دون أن يكون للعقل "دور" في مناقشة المعلومة المستقبلة. ومن هنا يكمن الداء. لو تدرب وتبرمج الفرد على "مناقشة" ما يستقبله من معلومات, "لناقش" المفسدون في الأرض, ولكنه - مسكين - تشكل وتبرمج عقله على مجرد (الاستقبال).
ومن هنا يكمن الدواء في إعادة صياغة وبرمجة عقلية الفرد على "مناقشة" ما يستقبله من معلومات, وفي ديننا السمح الأمثلة الكبرى على هذا "المنهج" في التشكيل والبرمجة والعلاقة. هل تتذكر ماذا قال الملائكة للمولى عز وجل عند طرحه - سبحانه وتعالى - لفكرة جعل خليفة في الأرض? هل تتذكر مقولة سيدنا إبراهيم عليه السلام للمولى عز وجل عن قدرته سبحانه في إحياء الموتى, وكيف رد - سبحانه مالك الملك - على هذه المحاورة والنقاش? هل تتذكر مقولة الصحابة للمصطفى صلى الله عليه وسلم عن "مصداقية" اختيار موقع الجيش المسلم في موقعة بدر? وغير ذلك كثير, بل يكفينا التصريح الرباني في العلاقة الإنسانية التي تكتنف المجتمع المسلم: ( وأمرهم شورى بينهم), ,38 الشورى. هذا هو النموذج الرباني في العلاقة بين أطراف المجتمع المسلم اتصالا "أفقيا" بين طرف وآخر, وليس "رأسيا" بين مرسل ومستقبل.
المستقبل :
وتستطيع – بإبداعك - أن توسع دائرة هذا النقاش وهذا الطرح في هذه المقالة على العلاقة الزوجية, والعلاقة الإدارية بمختلف المستويات, بل وفي العلاقة الدولية بين الدول. هل أنت أفقي, أم أنك رأسي؟ هل فهمتني؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق