حتى تعانق الأرض السماء
بعد بسم الله الرحمن الرحيم, وبعد الصلاة على الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم, يقول المثل المعروف, أنه (علي قدر أهل العزم, تأتي العزائم), ولكني حقيقة يمكن أن نجعل هذا المثل معكوسا, حيث أن الأصح من وجهة نظر التطوير الذاتي, أنه (على قدر العزائم يأتي العزم). المقصود هنا أن الفرد يملك من القدرات والطاقات ما الله به عليم. ولكن "تخبو" هذه الطاقات بضحالة "الطموحات". لذلك يستطيع الفرد منا, بل والمؤسسة أن "تٌضاعِف" من قدراتها, وذلك بأن تضع لنفسها "طموحات" عاليه تستحث الهمم. ومن هذه العزائم والطموحات "تنبثق" العزائم وتولد القدرات.
أما من يعيش تحت سقف "منخفض" الطموح, فإنه لا يبخل إلا على نفسه, كالقفزة في قفص. وهكذا يصنع الفرد والمؤسسة حين يعيش الكيان بدون طموحات. أما من "يسمو" بطموحات في سماء الصقور فإن قدراته "تتزايد" مع زيادة تحليقه في أفاق أعلي, كمن يزيد الحمل على ظهره, والذي بدوره يقوي عضلات الظهر. فكلما زدت, تدريجيا من واجباتك وطموحاتك, فإنك قدراتك تتوالد في كيانك.
وهذا ما نراه في حملة الأثقال. أما من يعيش محدود الطموح فسوف يصير مثل الدجاج, الذي كان أصله طائرا, ولكن أطال مكثه في الأرض فنسي الطيران وصار داجنا دوما رأسه متجهة نحو تربة الأرض يبحث عن لقمة بين قدميه.
والمقصود هنا أن جامعات المملكة حملت على نفسها عاتقا وعزيمة جديدة, ولم تكتف بدرها في إعداد الكادر الوطني تربويا, فقط. بل زادت على ظهرها حملا آخر في البحث عن وظيفة تناسب تخصص الطالب. هذا البحث عن الوظيفة كان حلا آخر قامت به الجامعات بعد أن تحركت في زاوية التطوير الذاتي للأقسام, بحيث تم تطوير متطلبات التخرج في العديد من الأقسام بحيث تتناسب مع متطلبات السوق. ولا يزال في جعبة القدرات أكثر فيما تقدر عليه الجامعة, مع ملاحظة أن (زيادة الواجبات يضاعف القدرات).
ولقد استفادت الجامعات من (تظاهرة يوم المهنة), تأثيرا بعيد المدى, إضافة إلى استفادة الطالب, بشكل سريع, حيث زادت قدرات الجامعات التي تتفاعل مع يوم المهنة بطريقة أفقية زادت بها علاقاتها مع المؤسسات التي تخوض الميدان والسوق العملي. هذه العلاقة الأفقية بين المؤسسات الأكاديمية والميدانية "تطوير" لكل من لسوق العمل والجامعات في نفس الوقت, كأنهما يدين يمينا ويسارا "تتضامن" لمصلحة كيانها في مؤسسة أكبر للوطن الواحد.
هذه العلاقة "التضامنية" تنفع الأكاديمي ليتعرف على تفاصيل العمق الميداني, وتنفع الميداني ليتعرف على سعة الأفق الأكاديمي, كأنهما يتعاملان مع مثلث مقلوب سعته في الأعلى عموما وسعة في الأفق تسمح للميداني أن "يصعد" للأعلى ليتعرف على "مستحدثات" العصر وتجارب الآخرين وقدراتهم. وفي نفس الوقت تسمح للأكاديمي أن "ينزل" لميدان الواقع, ليتعرف على "تفاصيل" الميدان والتجربة الحقيقة لما يعرفه نظريا.
هذا "التضامن" بين الأكاديمي والميداني هو من بعض أكبر ثمار (تظاهرة يوم المهنة). وهو في حقيقته نتيجته في مصلحة الطالب بطريقة غير مباشرة طويلة وبعيده الأمد. إن هذا اللقاء التضامني يجعل الميداني يتعرف على التخصصات التي يمكن أن تخدمه. وكذلك فإن هذا اللقاء التضامني يجعل الأكاديمي يتعرف على واقع واحتياجات سوق العمل, فتعانق الأرض بالسماء.
ومن هنا يمكن أن نطرح إمكانية أن يتضمن(تظاهرة يوم المهنة) عروض من كلا الجهتين "ليتعرف" كلا الطرفان ماذا في جعبة الآخر. يطرح الأكاديمي للميداني نظريات وأفكار حديثة, بل وتجارب عالمية تعين الميداني في "توسعة" افقه. وفي نفس الوقت يطرح الميداني للأكاديمي تفاصيل وتجارب عملية واقعية تعين الأكاديمي في "تطوير" نظرياته.
وبذلك الأسلوب "تضيق" الفوهة بين العالمين. وبذلك يتوقف كل منهما عن لوم وتأنيب الآخر, بل وبذلك تتحقق أكبر فائدة للطالب حيث تلتصق سماء الأكاديمي باحتياج واقعية الميدان, فيدرس الطالب ما يحتاجه في سوق العمل, وفي نفس الوقت يرتفع الواقع الأرضي في سوق العمل إلى السماء الأكاديمية المتسعة المتطورة.
وحتى يتم "تقنين" هذا الهدف عمليا قامت (عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر) بتشكيل لجنة استشارية للنظر في قضايا احتياج سوق العمل. وبتوصية من معالي مدير الجامعة, الأستاذ الدكتور ناصر الصالح, تم دمج هذه اللجنة الاستشارية مع مهام (تظاهرة يوم المهنة). وبذلك تم توحيد القدرات إلى هدف واحد يحقق مصلحة الطالب. وقد تمخض من هذا "التزاوج" ما ينبثق منه الآن في يوميات التظاهرة من مفاجئات جديدة تخدم طموح الخريج.
وخدمة للطالب, تسعى العمادة من خلال دبلوماتها إلى "تقريب" الفوهة بين بعض الطلبة, الذين لم تسنح الفرص في الحصول على معدل القبول في الجامعة. وخدمة للمجتمع تسعى العمادة, بخطوات تفصيلية أكثر, للتقريب بين العالم الميداني وبين العالم الأكاديمي من خلال الدورات المتخصصة القصيرة التي تطلبها الجهة الميدانية من المتخصص الأكاديمي. وفي هذه الدورات القصيرة يتم "توسعة" أفق الميداني بسعة سماء الأكاديمي.
ومن أجل أن تمتد جسور التعاون بين الجامعة وبين سوق العمل, خدمة للطالب, وحتى لا تتصيده الغربان المُغرِضة الإرهابية, التي تتصيد في الماء العكر, ينبغي على الطرفين أن يقتربان من بعضهما البعض في هذه التظاهرة السنوية. في هذا الملتقى تنبغي أن يكون التقارب عبر الشفافية لتكون هي اللغة المشتركة. والهدف هنا هو البحث عن همزات الوصل, التي تتمثل في حقيقة ما يستطيع الطالب أن يخدم به سوق العمل.
إن المعاناة التي يعيشها الطالب التخريج تتمثل في أنه يحمل لغة لا يتخاطب بها الزمن المعاصر. هذه المعاناة سببها اثنين : الأقسام والطالب نفسه. وقد قامت بعض الأقسام بدورها في تطوير متطلبات التخرج بما يتناسب مع احتياج سوق العمل وبما يتوافق مع الواقع الميداني في السوق المتغيرة والمتطورة. ويتبقى الآن الدور في متابعة إدارة الجامعة لبقية الأقسام, التي لم تتطور, بأن تلحق بالركب, لتطور نفسها, ولتلتصق أكثر بالاحتياج التقني المهني والحرفي.
ومن هنا يأتي السؤال : ماذا يجب على الأقسام أن تفعل لتجعل الطالب يحمل ساعة تخرجه من الجامعة خبرة ميدانية؟ هل يمكن أن يتم تطوير متطلبات التخرج لتكون ميدانية مهنية حرفية, كما فعلت الخطة الجديدة لقسم الإعلام, التي فرضت على الطالب أربع مواد دراسية ميدانية منذ تخصصه الدقيق لتفرض على الطالب أن يكتسب الخبرة قبل تخرجه. بل جعل قسم الإعلام أغلب مواده متعلقة بالحاسوب ليتخرج الطالب وهو يعرف ما يحتاجه سوق العمل. وكذلك ما قام به قسم التربية الفنية من تطوير جدري لتخصصه فأصبح ملتصقا بسوق العمل وبالميدان.
ولكن يبقى كذلك الدور على الشريك الثاني في مواجهة معضلة وتحدي المتخرج: الطالب. إن الخبرة هي أقوى ما يعتذر به سوق العمل في عدم توظيفه للخريج الجامعي. وفي هذا "جزء" من الحقيقة. المهم أن نبحث عن وسائل لنواجه هذا التحدي, ولننتقل من التركيز على "المشكلة" إلى التركيز على "الحل", ولنخرج من الصندوق.
ويبقي دور الطالب ليشارك في مواجهة التحدي. ماذا يجب على الطالب أن يفعله ليتخرج وهو يحمل الخبرة؟ السؤال هنا, هل الطالب "مشغول" بمتطلبات الجامعة 100% طوال يومه؟ يقضي الطالب - فقط - "سويعات" من يومه في الجامعة, ولكن أين "يضيع" باقي اليوم؟ لماذا لا يلتحق الطالب بأي وظيفة في الجامعة أو خارجها, مهما كان هذا العمل بسيطا وقليل الأجر, حتى وإن كان الطالب مستغنيا اقتصاديا؟ (فما حك جلدك مثل ظفرك).
سؤال تطرحه شفافية البحث عن الحل. هل يريد الطالب أن ينتظر من غيره أن يسعى لخدمته دون أن يقدم هو نفسه لنفسه شيئا يساهم في معالجة الوضع وتخفيف حدة المعاناة؟ هذا الانتظار هو "وأد" لقدرات الفرد. أما المبادرة فهي التي "تُضاعِف" القدرات. ماذا تريد يا أيها الخريج وأدا أم مضاعفة لقدراتك؟ الخيار بين يديك.
وهكذا, أيها الخريج, (على قدر عزائمك, أي واجباتك وطموحاتك, سوف يكون عزمك, أي قدراتك). يا أيها الطالب, بمقدار ما تضع على كاهلك من واجبات تتحمل بها المسؤوليات, بمقدار ما تنبثق, وتتفتق, وتتفاعل في جوانبك المؤهلات, والإمكانيات, والقدرات. وبمقدار ما تحمل على ظهرك, بمقدار ما تقوى ساقيك.
اعلم, أيها الطالب, أن أصبعك الذي توجه به الاتهامات في عدم حصولك على وظيفة, إنما هو في الحقيقة يوزع القدرات, ويشير إلى مواقع القوة والتأثير. أيها الخريج, أين ستوجه أصبعك؟ هل ستوجهه إلى نفسك, لتجعل من شخصك عاملا مؤثرا, ومشاركا في صنع القرار, أم أنك صِفرٌ على الشمال, وريشة في مهب الريح؟ (فمن بخل, فإنما يبخل على نفسه).
وفي نفس الوقت شفافية في المسائلة والمحاسبة مواجهة للتحدي يأتي السؤال: هل يمكن أن تقوم الجامعة "بتكليف" جميع أقسامها الإدارية والتعليمية بأن تقبل تشغيل الطالب, بل وأن يمتد دور (عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر) في "البحث" عن مؤسسات ودوائر حكومية لتشغيل مؤقت للطلاب تدريبا بدون مقابل, أو بمقابل رمزي؟
وهنا يأتي النداء الوطني للجهات الحكومية والأهلية في "تدارك" المعضلة والتحدي الوطني, الذي استثمره الإرهابيين, تصيدا في الماء العكر. ماذا يستطيع سوق العمل أن يفعل, ردا لمعروف, قدمه له وطنه الذي يعيش "أمنا" في كنفه؟ هل يمكن أن يفتح سوق العمل فرصا لتشغيل الطالب في مجال تخصصه, وبأجر رمزي, بل وبدون مقابل, سوى درجات عمليه تُضاف إلى متطلبات التخرج, ومتطلبات بعض المواد الدراسية, بدلا من الاختبار التحريري ترديدا لمعلومات يحفظها الطالب, لا علاقة لها بميدان العمل.
ويبقى موسم الحج, بيئة نختص بها في المنطقة الغربية تشارك في دعم السلوك والقدرة, ليحقق الطموح التدريبي والاقتصادي لنشهد (منافع لنا), جاء ذكرها قبل (ذكر الله). كيف يمكن استثمار موسم الحج في تدريب الطلاب ليعمل الطالب سنويا في مجال تخصصه؟ ويشهد موسم الحج "احتياجا" لكافة التخصصات دون استثناء.
لذلك يمكن "تشغيل" كافة التخصصات في المؤسسات الأهلية والجهات الحكومية, كمحاولة لجعل الطالب "ملتصقا" بأرض الواقع أثناء "تحليقه" في سماء دراسته الأكاديمية, لتعانق الأرض السماء, أو على الأقل أن تكون يديه - حِرَفِيَّة - "ملتصقة" بالأرض, في حين يكون رأسه - أكاديميا - "مُحَلِّقَا" في السماء.
بعد بسم الله الرحمن الرحيم, وبعد الصلاة على الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم, يقول المثل المعروف, أنه (علي قدر أهل العزم, تأتي العزائم), ولكني حقيقة يمكن أن نجعل هذا المثل معكوسا, حيث أن الأصح من وجهة نظر التطوير الذاتي, أنه (على قدر العزائم يأتي العزم). المقصود هنا أن الفرد يملك من القدرات والطاقات ما الله به عليم. ولكن "تخبو" هذه الطاقات بضحالة "الطموحات". لذلك يستطيع الفرد منا, بل والمؤسسة أن "تٌضاعِف" من قدراتها, وذلك بأن تضع لنفسها "طموحات" عاليه تستحث الهمم. ومن هذه العزائم والطموحات "تنبثق" العزائم وتولد القدرات.
أما من يعيش تحت سقف "منخفض" الطموح, فإنه لا يبخل إلا على نفسه, كالقفزة في قفص. وهكذا يصنع الفرد والمؤسسة حين يعيش الكيان بدون طموحات. أما من "يسمو" بطموحات في سماء الصقور فإن قدراته "تتزايد" مع زيادة تحليقه في أفاق أعلي, كمن يزيد الحمل على ظهره, والذي بدوره يقوي عضلات الظهر. فكلما زدت, تدريجيا من واجباتك وطموحاتك, فإنك قدراتك تتوالد في كيانك.
وهذا ما نراه في حملة الأثقال. أما من يعيش محدود الطموح فسوف يصير مثل الدجاج, الذي كان أصله طائرا, ولكن أطال مكثه في الأرض فنسي الطيران وصار داجنا دوما رأسه متجهة نحو تربة الأرض يبحث عن لقمة بين قدميه.
والمقصود هنا أن جامعات المملكة حملت على نفسها عاتقا وعزيمة جديدة, ولم تكتف بدرها في إعداد الكادر الوطني تربويا, فقط. بل زادت على ظهرها حملا آخر في البحث عن وظيفة تناسب تخصص الطالب. هذا البحث عن الوظيفة كان حلا آخر قامت به الجامعات بعد أن تحركت في زاوية التطوير الذاتي للأقسام, بحيث تم تطوير متطلبات التخرج في العديد من الأقسام بحيث تتناسب مع متطلبات السوق. ولا يزال في جعبة القدرات أكثر فيما تقدر عليه الجامعة, مع ملاحظة أن (زيادة الواجبات يضاعف القدرات).
ولقد استفادت الجامعات من (تظاهرة يوم المهنة), تأثيرا بعيد المدى, إضافة إلى استفادة الطالب, بشكل سريع, حيث زادت قدرات الجامعات التي تتفاعل مع يوم المهنة بطريقة أفقية زادت بها علاقاتها مع المؤسسات التي تخوض الميدان والسوق العملي. هذه العلاقة الأفقية بين المؤسسات الأكاديمية والميدانية "تطوير" لكل من لسوق العمل والجامعات في نفس الوقت, كأنهما يدين يمينا ويسارا "تتضامن" لمصلحة كيانها في مؤسسة أكبر للوطن الواحد.
هذه العلاقة "التضامنية" تنفع الأكاديمي ليتعرف على تفاصيل العمق الميداني, وتنفع الميداني ليتعرف على سعة الأفق الأكاديمي, كأنهما يتعاملان مع مثلث مقلوب سعته في الأعلى عموما وسعة في الأفق تسمح للميداني أن "يصعد" للأعلى ليتعرف على "مستحدثات" العصر وتجارب الآخرين وقدراتهم. وفي نفس الوقت تسمح للأكاديمي أن "ينزل" لميدان الواقع, ليتعرف على "تفاصيل" الميدان والتجربة الحقيقة لما يعرفه نظريا.
هذا "التضامن" بين الأكاديمي والميداني هو من بعض أكبر ثمار (تظاهرة يوم المهنة). وهو في حقيقته نتيجته في مصلحة الطالب بطريقة غير مباشرة طويلة وبعيده الأمد. إن هذا اللقاء التضامني يجعل الميداني يتعرف على التخصصات التي يمكن أن تخدمه. وكذلك فإن هذا اللقاء التضامني يجعل الأكاديمي يتعرف على واقع واحتياجات سوق العمل, فتعانق الأرض بالسماء.
ومن هنا يمكن أن نطرح إمكانية أن يتضمن(تظاهرة يوم المهنة) عروض من كلا الجهتين "ليتعرف" كلا الطرفان ماذا في جعبة الآخر. يطرح الأكاديمي للميداني نظريات وأفكار حديثة, بل وتجارب عالمية تعين الميداني في "توسعة" افقه. وفي نفس الوقت يطرح الميداني للأكاديمي تفاصيل وتجارب عملية واقعية تعين الأكاديمي في "تطوير" نظرياته.
وبذلك الأسلوب "تضيق" الفوهة بين العالمين. وبذلك يتوقف كل منهما عن لوم وتأنيب الآخر, بل وبذلك تتحقق أكبر فائدة للطالب حيث تلتصق سماء الأكاديمي باحتياج واقعية الميدان, فيدرس الطالب ما يحتاجه في سوق العمل, وفي نفس الوقت يرتفع الواقع الأرضي في سوق العمل إلى السماء الأكاديمية المتسعة المتطورة.
وحتى يتم "تقنين" هذا الهدف عمليا قامت (عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر) بتشكيل لجنة استشارية للنظر في قضايا احتياج سوق العمل. وبتوصية من معالي مدير الجامعة, الأستاذ الدكتور ناصر الصالح, تم دمج هذه اللجنة الاستشارية مع مهام (تظاهرة يوم المهنة). وبذلك تم توحيد القدرات إلى هدف واحد يحقق مصلحة الطالب. وقد تمخض من هذا "التزاوج" ما ينبثق منه الآن في يوميات التظاهرة من مفاجئات جديدة تخدم طموح الخريج.
وخدمة للطالب, تسعى العمادة من خلال دبلوماتها إلى "تقريب" الفوهة بين بعض الطلبة, الذين لم تسنح الفرص في الحصول على معدل القبول في الجامعة. وخدمة للمجتمع تسعى العمادة, بخطوات تفصيلية أكثر, للتقريب بين العالم الميداني وبين العالم الأكاديمي من خلال الدورات المتخصصة القصيرة التي تطلبها الجهة الميدانية من المتخصص الأكاديمي. وفي هذه الدورات القصيرة يتم "توسعة" أفق الميداني بسعة سماء الأكاديمي.
ومن أجل أن تمتد جسور التعاون بين الجامعة وبين سوق العمل, خدمة للطالب, وحتى لا تتصيده الغربان المُغرِضة الإرهابية, التي تتصيد في الماء العكر, ينبغي على الطرفين أن يقتربان من بعضهما البعض في هذه التظاهرة السنوية. في هذا الملتقى تنبغي أن يكون التقارب عبر الشفافية لتكون هي اللغة المشتركة. والهدف هنا هو البحث عن همزات الوصل, التي تتمثل في حقيقة ما يستطيع الطالب أن يخدم به سوق العمل.
إن المعاناة التي يعيشها الطالب التخريج تتمثل في أنه يحمل لغة لا يتخاطب بها الزمن المعاصر. هذه المعاناة سببها اثنين : الأقسام والطالب نفسه. وقد قامت بعض الأقسام بدورها في تطوير متطلبات التخرج بما يتناسب مع احتياج سوق العمل وبما يتوافق مع الواقع الميداني في السوق المتغيرة والمتطورة. ويتبقى الآن الدور في متابعة إدارة الجامعة لبقية الأقسام, التي لم تتطور, بأن تلحق بالركب, لتطور نفسها, ولتلتصق أكثر بالاحتياج التقني المهني والحرفي.
ومن هنا يأتي السؤال : ماذا يجب على الأقسام أن تفعل لتجعل الطالب يحمل ساعة تخرجه من الجامعة خبرة ميدانية؟ هل يمكن أن يتم تطوير متطلبات التخرج لتكون ميدانية مهنية حرفية, كما فعلت الخطة الجديدة لقسم الإعلام, التي فرضت على الطالب أربع مواد دراسية ميدانية منذ تخصصه الدقيق لتفرض على الطالب أن يكتسب الخبرة قبل تخرجه. بل جعل قسم الإعلام أغلب مواده متعلقة بالحاسوب ليتخرج الطالب وهو يعرف ما يحتاجه سوق العمل. وكذلك ما قام به قسم التربية الفنية من تطوير جدري لتخصصه فأصبح ملتصقا بسوق العمل وبالميدان.
ولكن يبقى كذلك الدور على الشريك الثاني في مواجهة معضلة وتحدي المتخرج: الطالب. إن الخبرة هي أقوى ما يعتذر به سوق العمل في عدم توظيفه للخريج الجامعي. وفي هذا "جزء" من الحقيقة. المهم أن نبحث عن وسائل لنواجه هذا التحدي, ولننتقل من التركيز على "المشكلة" إلى التركيز على "الحل", ولنخرج من الصندوق.
ويبقي دور الطالب ليشارك في مواجهة التحدي. ماذا يجب على الطالب أن يفعله ليتخرج وهو يحمل الخبرة؟ السؤال هنا, هل الطالب "مشغول" بمتطلبات الجامعة 100% طوال يومه؟ يقضي الطالب - فقط - "سويعات" من يومه في الجامعة, ولكن أين "يضيع" باقي اليوم؟ لماذا لا يلتحق الطالب بأي وظيفة في الجامعة أو خارجها, مهما كان هذا العمل بسيطا وقليل الأجر, حتى وإن كان الطالب مستغنيا اقتصاديا؟ (فما حك جلدك مثل ظفرك).
سؤال تطرحه شفافية البحث عن الحل. هل يريد الطالب أن ينتظر من غيره أن يسعى لخدمته دون أن يقدم هو نفسه لنفسه شيئا يساهم في معالجة الوضع وتخفيف حدة المعاناة؟ هذا الانتظار هو "وأد" لقدرات الفرد. أما المبادرة فهي التي "تُضاعِف" القدرات. ماذا تريد يا أيها الخريج وأدا أم مضاعفة لقدراتك؟ الخيار بين يديك.
وهكذا, أيها الخريج, (على قدر عزائمك, أي واجباتك وطموحاتك, سوف يكون عزمك, أي قدراتك). يا أيها الطالب, بمقدار ما تضع على كاهلك من واجبات تتحمل بها المسؤوليات, بمقدار ما تنبثق, وتتفتق, وتتفاعل في جوانبك المؤهلات, والإمكانيات, والقدرات. وبمقدار ما تحمل على ظهرك, بمقدار ما تقوى ساقيك.
اعلم, أيها الطالب, أن أصبعك الذي توجه به الاتهامات في عدم حصولك على وظيفة, إنما هو في الحقيقة يوزع القدرات, ويشير إلى مواقع القوة والتأثير. أيها الخريج, أين ستوجه أصبعك؟ هل ستوجهه إلى نفسك, لتجعل من شخصك عاملا مؤثرا, ومشاركا في صنع القرار, أم أنك صِفرٌ على الشمال, وريشة في مهب الريح؟ (فمن بخل, فإنما يبخل على نفسه).
وفي نفس الوقت شفافية في المسائلة والمحاسبة مواجهة للتحدي يأتي السؤال: هل يمكن أن تقوم الجامعة "بتكليف" جميع أقسامها الإدارية والتعليمية بأن تقبل تشغيل الطالب, بل وأن يمتد دور (عمادة خدمة المجتمع والتعليم المستمر) في "البحث" عن مؤسسات ودوائر حكومية لتشغيل مؤقت للطلاب تدريبا بدون مقابل, أو بمقابل رمزي؟
وهنا يأتي النداء الوطني للجهات الحكومية والأهلية في "تدارك" المعضلة والتحدي الوطني, الذي استثمره الإرهابيين, تصيدا في الماء العكر. ماذا يستطيع سوق العمل أن يفعل, ردا لمعروف, قدمه له وطنه الذي يعيش "أمنا" في كنفه؟ هل يمكن أن يفتح سوق العمل فرصا لتشغيل الطالب في مجال تخصصه, وبأجر رمزي, بل وبدون مقابل, سوى درجات عمليه تُضاف إلى متطلبات التخرج, ومتطلبات بعض المواد الدراسية, بدلا من الاختبار التحريري ترديدا لمعلومات يحفظها الطالب, لا علاقة لها بميدان العمل.
ويبقى موسم الحج, بيئة نختص بها في المنطقة الغربية تشارك في دعم السلوك والقدرة, ليحقق الطموح التدريبي والاقتصادي لنشهد (منافع لنا), جاء ذكرها قبل (ذكر الله). كيف يمكن استثمار موسم الحج في تدريب الطلاب ليعمل الطالب سنويا في مجال تخصصه؟ ويشهد موسم الحج "احتياجا" لكافة التخصصات دون استثناء.
لذلك يمكن "تشغيل" كافة التخصصات في المؤسسات الأهلية والجهات الحكومية, كمحاولة لجعل الطالب "ملتصقا" بأرض الواقع أثناء "تحليقه" في سماء دراسته الأكاديمية, لتعانق الأرض السماء, أو على الأقل أن تكون يديه - حِرَفِيَّة - "ملتصقة" بالأرض, في حين يكون رأسه - أكاديميا - "مُحَلِّقَا" في السماء.
والله الهادي إلى سواء السبيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق