الأحد، يوليو 06، 2008

هل "للدائرة" مركز "واحد"؟

هل تتفضل بأن تتخيل أنك تحمل في يديك (فرجار هندسي – مَرِن : ذو الإبرة "الحديدية" – الثابتة - وقلم رصاص - المُلوَّن) تريد أن ترسم به دائرة؟ من الطبيعي، والمنطقي، والبديهي أن "تبدأ" "بتحديد" موقع ومركز (إبرة الفرجار)، ثم يكون "التحرك" للقلم الذي سيرسم "مسار" وشكل الدائرة. أما "حجم" الدائرة فيحددها "نوع" الفرجار الذي تستعمله في رسم الدائرة التي تريد، فقد يكون هذا الفرجار قناة اتصال شخصية، أو جمعية، أو جماهيرية، مثل (قناة مكة المكرمة الفضائية).
هذه التقنية "الهندسية" يمكن تطبيقها كإستراتيجية "للتطوير" المؤسساتي. تخيل كذلك أنك تريد "تطوير" أسرة، أو قسم، أو كلية، أو جامعة، أو ما فوق ذلك من مؤسسات، كأن تقوم بإنشاء قناة فضائية، فماذا تبدأ به؟ هل تبدأ برسم شكل ولون وحجم الدائرة، كأن تفكر في نوعية برامج القناة الفضائية، أو تبدأ – مهما أخذت هذه المرحلة من وقت - بتحديد مكان إبرة الفرجار، تحديدا لهوية ورسالة القناة؟ وهذا مشروع في مرحل مخاض لدى كاتب المقال يبحث عن ممول يكفل له وليده.
تخيل أنك بدأت بالتحرك في الرسم والتلوين بدون أن "تُثَّبِت" مكان الإبرة؟ من المستحيل أنك سترسم دائرة، بل من المستحيل أن يكون شكل "التحرك" بيضاوي. سيكون التحرك (زقزاق & متذبذب). سيكون شكل التحرك أشبه برسم لمخطط قلب مريض مصاب بأزمة قلبية، حيث يكون (نبض القلب متذبذبا) بنوع وأسلوب ومنهج الإدارة، مما يجعل "مسار" المخطط متذبذبا، وكلما جاءت إدارة، لعنت أختها. لذلك يكون مسار المؤسسة - مهما كان حجمها – "متذبذبا" بحسب اليد، أو الإدارة، التي تمسك بالفرجار. والسبب في هذا "التذبذب" هو عدم وجود مركز واضح محدد لإبرة الفرجار - هوية ورسالة ورؤية - فتتحرك المرسمة بدون تثبيت للإبرة.
وتخيل معي الأمر - بطريقة أخطر - حيث يكون هناك "حتمية" لرسم دوائر صغرى داخل الدائرة الكبر، كأن تكون هناك أهداف تفصيلية جانبية لرسالة القناة. ما هو "المركز" الذي ستتحرك من خلاله الدوائر الصغيرة؟ مادامت الدائرة الكبرى لا يوجد لها مركز، فمن "أين" ستنطلق الدوائر الصغرى في تحركها؟ من المؤكد أن هذه الدوائر الصغرى سترسم لها مركز يحلو لها، أو تتحرك بدون وجود مركز، تشبها وتقليدا للدائرة الأم، التي تتحرك بدون مركز ثابت واضح يتفق عليه جميع عناصر الدائرة، فتكثر الدوائر في الدائرة، بل تتفوق دائرة فرعية على الدائرة الأم.
ولا بأس من "كثرة" الدوائر الصغرى في الدائرة الواحدة الكبيرة – مهما تناقض لونها وحجمها، مادامت "تنطلق" من نفس المركز، ولا تخرج عن القُطُر، فلا يكون أمرنا فُرُطا، بل سَلَماً لرجل. إذا ليس هنا دعوة إلى "رفض" الاختلاف، بل لا بأس من "التنوع" كألوان الطيف، مادام هناك "مركز" للدائرة الكبرى وللدوائر الصغرى، فتسبح جميعا في فلك واحد لا "تتصادم" نجومه.
هذه هي قصة "الهوية & الرسالة" (مركزا لدائرة أي كيان)، أصغره وأكبره. وذلك هو حال التحرك أو الرؤية "المتذبذبة" نتيجة أي تطوير مؤسساتي لا يبدأ بتحديد هويته، (فمن نحن؟). وإذا كانت الدائرة الكبيرة لم تحدد من نحن، فما هو حال الدوائر الصغيرة، وما هي نتيجة جميع ذلك الفراغ؟ صراع، وتناقض، وتناحر، وتذبذب؟ لذلك ينجح، بل ويتفوق طفل صغير في رسم دائرة كبيرة، فقط لأنه عرف كيف "يبدأ" في تحديد موقع لإبرة الفرجار. ولذلك يفشل يافع ناضج راشد في رسم دائرة صغيرة، فقط لأنه لم يبدأ في "تحديد" موقع لإبرة الفرجار. لذلك تنجح قنوات فضائية في "البقاء" خطا مستقيما لا يتذبذب، رغم الزخم التنافسي، لأنها "تتحرك" بين نقطتين واضحة : (بداية : هوية & نهاية : رؤية).
وهذه هي قصة بقاء الحضارة الإسلامية في القديم، هوية "محددة" (رسالة ربانية) ثابتة لم "تزحزحها" عوامل تغير وتذبذب الزمان والمكان، لتصل بالإنسان إلى نهاية "محددة" (رؤية ربانية) لهذه الأرض. فنحن في (رسالتنا الربانية) : خلفاء لله في أرضه. نسعى إلى (رؤية ربانية: لنعمر الأرض عبادة لله. ورغم "الفارق" الكبير في"نوعية" الرسالة الرؤية، إلى أنها هذه هي قصة نجاح دبي "الصغيرة" التي رسمت دائرة اقتصادية وسياسية تكاد تصل إلى حجم الكرة الأرضية، بل والنجاح الأكبر المذهل "المتوازن" في نموذجه الحضاري الفريد للبرجين التوائم : أصالة ومعاصرة : (ماليزيا). وهذه بمختصر الموضوع ستكون رسالة ورؤية قناة (مكة المكرمة الفضائية) التي تبحث عن ممول يكفلها، فمن لها؟

ولله الحمد المنة

ليست هناك تعليقات: