الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد فإن الله تعالى شرع لعباده المؤمنين النكاح ، وجعله سنة الأنبياء والمرسلين , به ينقضي الوطر , ويحصل السكن , وتستمر الحياة , جيلا بعد جيل , يخلف بعضهم بعضا .
ولقد جعل المولى عز وجل الحياة الزوجية من أعظم النعم التي امتن بها على عباده المؤمنين ، حين ألف بين قلوب الأزواج فسكنت نفوسهم ، وهدأت أعصابهم ، وحصل من ذلك السكون النفسي ، والاستقرار الأسري.
ولما كانت الحياة الزوجية شركة بين طرفين لإقامة مشروع واحد، لكل منهما "خلفيته" الثقافية والاجتماعية، و"طريقته" في النظر والتفكير: كان لابد من وقوع:
1. الخلاف في وجهات النظر ،
2. والتباين في إدراك الأمور،
3. التوترات العائلية ، والمنازعات الزوجية ،
لذلك توجب على الرجل أن يوطن نفسه :
1. على الصبر ،
2. وأخذ الأمور بالروية ،
3. وعدم العجلة
وإذا لم يتحقق ذلك من الرجل، فإن الخلاف اليـسير يمكن أن يؤدي إلى أزمة أسرية وفتنة في دين الله. وفي الجانب الآخر فإن الخلاف الكبير إذا "صاحبه" نظر صحيح ، وشيء من التأني، يمكن أن ينتهي بسهولة؛ لذا فإن حدة الأزمات الزوجية تعود إلى (أسلوب التناول والمعالجة) ، أكثر من كونها أزمة أو لا.
وإن كانت هناك العديد من الجوانب التي قد تؤدي إلى تصاعد الخلافات بين الشريكين، فإن من أعظم ما يعكر صفو الحياة الزوجية: قرار الرجال ب(تعدد الزوجات) حتى وإن لم يكن هناك عزم لتنفيذه، فما أن يقرر - أو يفكر، أو يهدد - الرجل الاقتران بأخرى حتى "تتحول" حياة المرأة إلى حزن وآلام ، وربما إلى توترات وثورات انفعالية حادة ، قد تنتهي ـ في بعض الحالات ـ إلى أمراض مهلكة ، أو انهيارات أسرية ، ومن المعلوم أنه ومهـما صدر عن النساء ـ بسبب الغيرة ـ من سلوكيات غريبة وعنيفة : معفو عنه ـ في الغالب ـ لغلبة طبع الغيرة عليهن.
ولقد أباح الله للرجل أن يجمع أربعا من النساء في وقت واحد ، على أن يتكلّف لكل واحدة من هنّ مثل أختها ؛ لتحقيق مبدأ العدل المادي والخلقي , مع مواجهة أزمات التغاير بين النسـاء , واحتمالات انهدام البيوت , فـثقل بذلك الحمل على الرجال , في عصر قلّ فيه الدخل , وكثرت فيه النفقات , وتداخلت فيه الثقافات ، وتعرض المسلمون للأفكار دخيلة ، غيرت كثيرا من المفاهيم الإسلامية لا سيما عند النساء ؛ لذا أحجم كثير من الرجال عن التعدد , رغم حاجتهم إليه , واكتفوا بالزوجة الواحدة على عنت ومعاناة , وربما نفّس بعضهم عن نفسه بالفساد, والخروج على حدود الشرع .
ثم مكث الناس على هذا الحال دهرا من الزمان ، حتى كثر العوانس من النساء , ووصلت الحالة الاجتماعية إلى حد الظاهرة الخطيرة ، التي تهدد المجتمع في دينه وأخلاقه , فظهر عندها زواج (المسيار) ، بما يحمله من ملاحـظات شرعية , ونواقص نفسية واجتماعية , يخفِّف عن الرجال المحتاجين عنت الاكتفاء بالزوجة الواحدة , فكان متنفسا يحمل الصبغة الشرعية , فخاض جمع من الرجال _ لا سيما من المتدينين_ هذه التجربة الغريبة عن المجتمع الإسـلامي , وكان من نتائجها التطبيقية ما كان , من الغرائب والعجائب , والمآسي والمظالم في كثير من الأحيان , إضافة إلى عمره القصير , ونهايته الأكيدة بالطلاق في غالب الحالات .
ومن الرجال من ترفع عن نكاح (المسيار) , ورضي بالمسلك الصعب , فضم الزوجتين والثلاثة وربما الأربع ، حسب العرف والعادة , فينفق عليهن ضمن حد استطاعته ، وربما أعانته إحداهن بمالها أو بيتها , إلا أنه يبقى نكاحا صحيحا لا ملحظ عليه , ومع ذلك فقد ظهر من هذا الأسلوب في التعدد صراعات أسرية ، وأزمات نفسية حادة ، كان غالبها يتمثل في معاناة الغيرة ، حيث تعـجز الزوجة ـ لاسيما الأولى ـ عن تحمل الضرة ، فإما أن تُـنهي معاناتها بالخلع ، أو تُمضي أيامها بالصراعات والمعارك التي لا حدود لها , ضمن سلوكيات صبيانية شائنة , أو ربما توجهت نحو ذاتها ، فتكبت آلامها في نفسها حتى تهلك صحتها , مما ينعكس سلبا على العائلة بأكملها , فتختل التربية الأسرية ، وتظهر على الأولاد سلوكيات غير مستحسنة .
إن المرأة بطبيعتها الفطرية قد تُعذر لشدة الوارد عليها من الغيرة , مما يزيد عن حدود طاقتها النفسية , ودرجة تحمّلها , لكن العذر يصعب قبوله من الرجل , ولا سيما المتدين , حين اقترنت به المرأة على أنه شخص صالح ، مؤهل لرعاية الحقوق الزوجية , والقيام بالرعاية الأسرية , فإذا به عند أول أزمة زوجية , أو خلاف عائلي : يتحول إلى شخص غريب ثائر متهور , لا علاقة له بالتدين , بل ربما كان مستعدا للتضحية بالزوجة والأولاد .
إن الشريعة الإسلامية المحكمة لم تفرض على الرجل ولا على المرأة البقاء ضمن حياة زوجية لا تروق لهما , فشرع للرجل الطلاق , وللمرأة الخلع , فإذا عزم الرجل على طلاق زوجته , بعد أن يكون قد استنفد كل وسائل الإصلاح , فإنه يوقع عليها الطلاق على السنة ، ويسرحها بلطف مع متعة الطلاق , وأما المرأة فإن رغبة في الخلع , وأصرت عليه : فلا تُمنع منه ، ولا يحق للزوج الامتناع عن إجابتها إذا افتدت نفسها بشي من المال , على أن يتم كل ذلك بلا عنف ولا توتر ، ضمن تفاهم وتشاور , فلا ينسيان الفضل بينهما , يراعي كل منهما الحقوق المتبادلة ، لا سيما حق الصغار في الرعاية الوالدين , بحيث يتم ذلك في تسامح وإحسان ، دون ظلم وحرمان .
وإذا كان جميع ما سبق ذكره هو حال المجتمع، فذلك أمر لا "غاربة" فيه لأن المجتمع قد "اختلطت" عليه مشارب التربية والتشكيل. أما أن يكون هذا "الوضع" الأسري السلبي هو "واقع" العديد من بيوت الإسلاميين، بل والدعاة منهم، فهنا تكون "السوءة"، بل هنا تكون "الفتنة" في دين الله للذين أمنوا. لقد أصبح وضع بعض بيوت الإسلاميين (((حديث المجالس))) :
ـ هل تتوقع أن الداعي يسجن زوجته في الصالة طوال فترة غيابه عن البيت؟
ـ هل تصدق أن الداعي يصف زوجته بأبشع الصفات في شكلها وجسدها؟
ـ هل تتخيل أن الداعي يقيم علاقة مع نساء دون رابط شرعي؟
ـ هل من الممكن أن يتزوج الداعية فتاة في سن بناته بحجة تطبيق السنة، ويغفل سنة الصبر على الأذى؟
ـ هل يحق للداعي أن يضرب زوجته ضربا يخلف أثرا بدون أن يقوم بما قبل الضرب من مراحل؟
ـ هل من المصاحبة بالمعروف أن يهدد الزوج زوجته طوال الوقت بأحقية التعدد، بل وفي ليلة الدخلة؟
ـ هل من حقوق الزوج أن يستولي على أموال زوجته وبناته؟
وغير ذلك من صور سلبية لا تستطيع أن "نصدق" أن تكون في بيت مسلم، ناهيك عن الداعي، ناهيك عما فوق ذلك.
1. (هل هذا هو الإسلام؟).
2. (هل هذا هو الإسلام في البيت؟).
3. (هل هذا هو الوضع لو كان الإسلاميين هم القادة وبيدهم مقاليد الأمر؟).
4. (هل هذه هي مخرجات أشمل المدارس الدعوية؟).
5. وفوق جميع ذلك سؤال الله للمسئول عن رعيته الذي تسبب لها القهر العاطفي، والأذى النفسي، ناهيك عن الأذى الجسدي.
ولقد "تكشّفت" بعض بيوت الإسلاميين بعد انهيارها عن مآسي ومخازي يصعب تصديقها أن يكون هذا بيت مسلم، بل وبيت احد الدعاة, حتى إن أصحابها المتعاركين لم يحققوا الفراق حتى "بأقل" من الإحسان، ولم يتركوا بينهم ساحة للتفاهم , فضلا عن أن يتركوا بابا للإصلاح , وضمن هذا الوضع المحزن يجدر توجيه السؤال إلى الإسلاميين بل والدعاة، فكيف بما فوق ذلك إلى وسائل تخفف وتعالج هذه الفتنة :
1. التأكيد على حتمية حصول شبابنا على دورات تأهيلية "قبل" الزواج، ودورات تطويرية "بعد" الزواج.
2. أن يتم دمج أبواب في (فقه الأسرة) ضمن منهج التربية.
3. تشكيل لجنة خاصة بإصلاح ذات البين بين الشباب مهمتها قضايا الأسرة.
4. العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خيركم خيركم لأهله ) , وهذا شامل لكل صور الإحسان للزوجة ، والصبر على ما قد يصدر عنها، بدلا من أن يكون خيرنا لغيرنا.
5. أن يتم تطبيق وسائل الدعوة من صبر وتضحية ومرحلية على الزوجة والأبناء، بدلا من أن تقتصر على الآخرين خارج البيت.
4 . التعامل مع أخطاء الزوجة بهدوء وتلطف وروية 0
6. مساعدة الزوجة على صلة رحمها ، وعدم التشدد معها في ذلك .
5 ـ الإحسان إلى أقارب الزوجة ، ولا سيما والديها بالصلة والتلطف ، وعدم معاملتهم بالمثل 0
6ـ التأكيد على حقوق الزوجة الخاصة ، والإيجابية والإخلاص في أدائها ، والحذر من أسباب الحرمان العاطفي.
7ـ ضبط الحقوق المالية بين الزوجين ، وتوثيقها بالكتابة والشهود ، والمسارعة في أدائها دون مماطلة 0
8ـ تجنب التعسف في استعمال الزوج لحقه الشرعي ، بما يضر الزوجة ويؤذيها، في نفسها أو أهلها، فلهن مثل الذي عليهن0
9ـ الحذر من هجران البيت مهما كانت الأسباب .
10ـ التدرج في إصلاح الزوجة ابتداء بالوعظ الرقيق فالأشد ، ثم الهجر في البيت , وتجنّب العنف معها قدر المستطاع .
11 ـ الحذر من تهديد الزوجة بالتعدد , كأسلوب من أساليب تأديبها .
12ـ ضبط سلوك الغيرة على الزوجة ضمن الحدود الشرعية , وتجنّب الشكوك والتجسس والتخوّن .
13 ـ تضييق فرص الإقدام على التعدد ، وحصرها في حالات الضروة أو الحاجة الملحة .
14 ـ عدم الانفراد بقرار الزواج قبل الرجوع إلى أهل الخبرة والعلم والنصح .
15 ـ تهيئة الزوجة بالأساليب التربوية وفي الوقت المناسب لتقبل قرار الزوج بالتعدد .
16 ـ الدقة في اختيار الزوجة الثانية ، ضمن أوصاف المرأة الصالحة ، من النساء المعروفات في الوسط الدعوي .
17ـ توطين النفس على الصبر ، وتحمل أعباء التعدد النفسية والاجتماعية والمالية .
18ـ الأخذ في الاعتبار أن إمساك الزوجة لا بد أن يكون بالمعروف ، كما أن مفارقتها لابد أن تتم بإحسان ، مهما بدر منها أو من أوليائها .
19 ـ الدفع بالتي هي أحسن في حالات الشقاق الشديدة , وإنهاء الأزمات بالتنازل عن بعض الحقوق بعيدا عن المحاكم.
20 ـ الرجوع إلى أهل الخبرة والنصح لحل المشكلات الأسرية ، وعند اتخاذ قرار الطلاق .
21 ـ اليقين بأن من النذالة والخسة ألا يعطي الرجل الواجب الذي عليه إلا بسيف السلطان .
22 ـ أهمية تذكر الداعية أن سلوكه المشين في البيت مع أهله وأصهاره سوف يبقى وصمة عار عليه وعلى دعوته، فيكون فتنة للذين أمنوا في دين الله. وجميع ذلك في صحائفه.
هذا والحمد لله رب العلمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
ولقد جعل المولى عز وجل الحياة الزوجية من أعظم النعم التي امتن بها على عباده المؤمنين ، حين ألف بين قلوب الأزواج فسكنت نفوسهم ، وهدأت أعصابهم ، وحصل من ذلك السكون النفسي ، والاستقرار الأسري.
ولما كانت الحياة الزوجية شركة بين طرفين لإقامة مشروع واحد، لكل منهما "خلفيته" الثقافية والاجتماعية، و"طريقته" في النظر والتفكير: كان لابد من وقوع:
1. الخلاف في وجهات النظر ،
2. والتباين في إدراك الأمور،
3. التوترات العائلية ، والمنازعات الزوجية ،
لذلك توجب على الرجل أن يوطن نفسه :
1. على الصبر ،
2. وأخذ الأمور بالروية ،
3. وعدم العجلة
وإذا لم يتحقق ذلك من الرجل، فإن الخلاف اليـسير يمكن أن يؤدي إلى أزمة أسرية وفتنة في دين الله. وفي الجانب الآخر فإن الخلاف الكبير إذا "صاحبه" نظر صحيح ، وشيء من التأني، يمكن أن ينتهي بسهولة؛ لذا فإن حدة الأزمات الزوجية تعود إلى (أسلوب التناول والمعالجة) ، أكثر من كونها أزمة أو لا.
وإن كانت هناك العديد من الجوانب التي قد تؤدي إلى تصاعد الخلافات بين الشريكين، فإن من أعظم ما يعكر صفو الحياة الزوجية: قرار الرجال ب(تعدد الزوجات) حتى وإن لم يكن هناك عزم لتنفيذه، فما أن يقرر - أو يفكر، أو يهدد - الرجل الاقتران بأخرى حتى "تتحول" حياة المرأة إلى حزن وآلام ، وربما إلى توترات وثورات انفعالية حادة ، قد تنتهي ـ في بعض الحالات ـ إلى أمراض مهلكة ، أو انهيارات أسرية ، ومن المعلوم أنه ومهـما صدر عن النساء ـ بسبب الغيرة ـ من سلوكيات غريبة وعنيفة : معفو عنه ـ في الغالب ـ لغلبة طبع الغيرة عليهن.
ولقد أباح الله للرجل أن يجمع أربعا من النساء في وقت واحد ، على أن يتكلّف لكل واحدة من هنّ مثل أختها ؛ لتحقيق مبدأ العدل المادي والخلقي , مع مواجهة أزمات التغاير بين النسـاء , واحتمالات انهدام البيوت , فـثقل بذلك الحمل على الرجال , في عصر قلّ فيه الدخل , وكثرت فيه النفقات , وتداخلت فيه الثقافات ، وتعرض المسلمون للأفكار دخيلة ، غيرت كثيرا من المفاهيم الإسلامية لا سيما عند النساء ؛ لذا أحجم كثير من الرجال عن التعدد , رغم حاجتهم إليه , واكتفوا بالزوجة الواحدة على عنت ومعاناة , وربما نفّس بعضهم عن نفسه بالفساد, والخروج على حدود الشرع .
ثم مكث الناس على هذا الحال دهرا من الزمان ، حتى كثر العوانس من النساء , ووصلت الحالة الاجتماعية إلى حد الظاهرة الخطيرة ، التي تهدد المجتمع في دينه وأخلاقه , فظهر عندها زواج (المسيار) ، بما يحمله من ملاحـظات شرعية , ونواقص نفسية واجتماعية , يخفِّف عن الرجال المحتاجين عنت الاكتفاء بالزوجة الواحدة , فكان متنفسا يحمل الصبغة الشرعية , فخاض جمع من الرجال _ لا سيما من المتدينين_ هذه التجربة الغريبة عن المجتمع الإسـلامي , وكان من نتائجها التطبيقية ما كان , من الغرائب والعجائب , والمآسي والمظالم في كثير من الأحيان , إضافة إلى عمره القصير , ونهايته الأكيدة بالطلاق في غالب الحالات .
ومن الرجال من ترفع عن نكاح (المسيار) , ورضي بالمسلك الصعب , فضم الزوجتين والثلاثة وربما الأربع ، حسب العرف والعادة , فينفق عليهن ضمن حد استطاعته ، وربما أعانته إحداهن بمالها أو بيتها , إلا أنه يبقى نكاحا صحيحا لا ملحظ عليه , ومع ذلك فقد ظهر من هذا الأسلوب في التعدد صراعات أسرية ، وأزمات نفسية حادة ، كان غالبها يتمثل في معاناة الغيرة ، حيث تعـجز الزوجة ـ لاسيما الأولى ـ عن تحمل الضرة ، فإما أن تُـنهي معاناتها بالخلع ، أو تُمضي أيامها بالصراعات والمعارك التي لا حدود لها , ضمن سلوكيات صبيانية شائنة , أو ربما توجهت نحو ذاتها ، فتكبت آلامها في نفسها حتى تهلك صحتها , مما ينعكس سلبا على العائلة بأكملها , فتختل التربية الأسرية ، وتظهر على الأولاد سلوكيات غير مستحسنة .
إن المرأة بطبيعتها الفطرية قد تُعذر لشدة الوارد عليها من الغيرة , مما يزيد عن حدود طاقتها النفسية , ودرجة تحمّلها , لكن العذر يصعب قبوله من الرجل , ولا سيما المتدين , حين اقترنت به المرأة على أنه شخص صالح ، مؤهل لرعاية الحقوق الزوجية , والقيام بالرعاية الأسرية , فإذا به عند أول أزمة زوجية , أو خلاف عائلي : يتحول إلى شخص غريب ثائر متهور , لا علاقة له بالتدين , بل ربما كان مستعدا للتضحية بالزوجة والأولاد .
إن الشريعة الإسلامية المحكمة لم تفرض على الرجل ولا على المرأة البقاء ضمن حياة زوجية لا تروق لهما , فشرع للرجل الطلاق , وللمرأة الخلع , فإذا عزم الرجل على طلاق زوجته , بعد أن يكون قد استنفد كل وسائل الإصلاح , فإنه يوقع عليها الطلاق على السنة ، ويسرحها بلطف مع متعة الطلاق , وأما المرأة فإن رغبة في الخلع , وأصرت عليه : فلا تُمنع منه ، ولا يحق للزوج الامتناع عن إجابتها إذا افتدت نفسها بشي من المال , على أن يتم كل ذلك بلا عنف ولا توتر ، ضمن تفاهم وتشاور , فلا ينسيان الفضل بينهما , يراعي كل منهما الحقوق المتبادلة ، لا سيما حق الصغار في الرعاية الوالدين , بحيث يتم ذلك في تسامح وإحسان ، دون ظلم وحرمان .
وإذا كان جميع ما سبق ذكره هو حال المجتمع، فذلك أمر لا "غاربة" فيه لأن المجتمع قد "اختلطت" عليه مشارب التربية والتشكيل. أما أن يكون هذا "الوضع" الأسري السلبي هو "واقع" العديد من بيوت الإسلاميين، بل والدعاة منهم، فهنا تكون "السوءة"، بل هنا تكون "الفتنة" في دين الله للذين أمنوا. لقد أصبح وضع بعض بيوت الإسلاميين (((حديث المجالس))) :
ـ هل تتوقع أن الداعي يسجن زوجته في الصالة طوال فترة غيابه عن البيت؟
ـ هل تصدق أن الداعي يصف زوجته بأبشع الصفات في شكلها وجسدها؟
ـ هل تتخيل أن الداعي يقيم علاقة مع نساء دون رابط شرعي؟
ـ هل من الممكن أن يتزوج الداعية فتاة في سن بناته بحجة تطبيق السنة، ويغفل سنة الصبر على الأذى؟
ـ هل يحق للداعي أن يضرب زوجته ضربا يخلف أثرا بدون أن يقوم بما قبل الضرب من مراحل؟
ـ هل من المصاحبة بالمعروف أن يهدد الزوج زوجته طوال الوقت بأحقية التعدد، بل وفي ليلة الدخلة؟
ـ هل من حقوق الزوج أن يستولي على أموال زوجته وبناته؟
وغير ذلك من صور سلبية لا تستطيع أن "نصدق" أن تكون في بيت مسلم، ناهيك عن الداعي، ناهيك عما فوق ذلك.
1. (هل هذا هو الإسلام؟).
2. (هل هذا هو الإسلام في البيت؟).
3. (هل هذا هو الوضع لو كان الإسلاميين هم القادة وبيدهم مقاليد الأمر؟).
4. (هل هذه هي مخرجات أشمل المدارس الدعوية؟).
5. وفوق جميع ذلك سؤال الله للمسئول عن رعيته الذي تسبب لها القهر العاطفي، والأذى النفسي، ناهيك عن الأذى الجسدي.
ولقد "تكشّفت" بعض بيوت الإسلاميين بعد انهيارها عن مآسي ومخازي يصعب تصديقها أن يكون هذا بيت مسلم، بل وبيت احد الدعاة, حتى إن أصحابها المتعاركين لم يحققوا الفراق حتى "بأقل" من الإحسان، ولم يتركوا بينهم ساحة للتفاهم , فضلا عن أن يتركوا بابا للإصلاح , وضمن هذا الوضع المحزن يجدر توجيه السؤال إلى الإسلاميين بل والدعاة، فكيف بما فوق ذلك إلى وسائل تخفف وتعالج هذه الفتنة :
1. التأكيد على حتمية حصول شبابنا على دورات تأهيلية "قبل" الزواج، ودورات تطويرية "بعد" الزواج.
2. أن يتم دمج أبواب في (فقه الأسرة) ضمن منهج التربية.
3. تشكيل لجنة خاصة بإصلاح ذات البين بين الشباب مهمتها قضايا الأسرة.
4. العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خيركم خيركم لأهله ) , وهذا شامل لكل صور الإحسان للزوجة ، والصبر على ما قد يصدر عنها، بدلا من أن يكون خيرنا لغيرنا.
5. أن يتم تطبيق وسائل الدعوة من صبر وتضحية ومرحلية على الزوجة والأبناء، بدلا من أن تقتصر على الآخرين خارج البيت.
4 . التعامل مع أخطاء الزوجة بهدوء وتلطف وروية 0
6. مساعدة الزوجة على صلة رحمها ، وعدم التشدد معها في ذلك .
5 ـ الإحسان إلى أقارب الزوجة ، ولا سيما والديها بالصلة والتلطف ، وعدم معاملتهم بالمثل 0
6ـ التأكيد على حقوق الزوجة الخاصة ، والإيجابية والإخلاص في أدائها ، والحذر من أسباب الحرمان العاطفي.
7ـ ضبط الحقوق المالية بين الزوجين ، وتوثيقها بالكتابة والشهود ، والمسارعة في أدائها دون مماطلة 0
8ـ تجنب التعسف في استعمال الزوج لحقه الشرعي ، بما يضر الزوجة ويؤذيها، في نفسها أو أهلها، فلهن مثل الذي عليهن0
9ـ الحذر من هجران البيت مهما كانت الأسباب .
10ـ التدرج في إصلاح الزوجة ابتداء بالوعظ الرقيق فالأشد ، ثم الهجر في البيت , وتجنّب العنف معها قدر المستطاع .
11 ـ الحذر من تهديد الزوجة بالتعدد , كأسلوب من أساليب تأديبها .
12ـ ضبط سلوك الغيرة على الزوجة ضمن الحدود الشرعية , وتجنّب الشكوك والتجسس والتخوّن .
13 ـ تضييق فرص الإقدام على التعدد ، وحصرها في حالات الضروة أو الحاجة الملحة .
14 ـ عدم الانفراد بقرار الزواج قبل الرجوع إلى أهل الخبرة والعلم والنصح .
15 ـ تهيئة الزوجة بالأساليب التربوية وفي الوقت المناسب لتقبل قرار الزوج بالتعدد .
16 ـ الدقة في اختيار الزوجة الثانية ، ضمن أوصاف المرأة الصالحة ، من النساء المعروفات في الوسط الدعوي .
17ـ توطين النفس على الصبر ، وتحمل أعباء التعدد النفسية والاجتماعية والمالية .
18ـ الأخذ في الاعتبار أن إمساك الزوجة لا بد أن يكون بالمعروف ، كما أن مفارقتها لابد أن تتم بإحسان ، مهما بدر منها أو من أوليائها .
19 ـ الدفع بالتي هي أحسن في حالات الشقاق الشديدة , وإنهاء الأزمات بالتنازل عن بعض الحقوق بعيدا عن المحاكم.
20 ـ الرجوع إلى أهل الخبرة والنصح لحل المشكلات الأسرية ، وعند اتخاذ قرار الطلاق .
21 ـ اليقين بأن من النذالة والخسة ألا يعطي الرجل الواجب الذي عليه إلا بسيف السلطان .
22 ـ أهمية تذكر الداعية أن سلوكه المشين في البيت مع أهله وأصهاره سوف يبقى وصمة عار عليه وعلى دعوته، فيكون فتنة للذين أمنوا في دين الله. وجميع ذلك في صحائفه.
هذا والحمد لله رب العلمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 0
ورقة عمل مشتركة بين د. عدنان باحارث & د. أسامة حريري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق