بداية يتوجب أن نحدد المصطلح الذي شاع وغلب عليه الحق, رغم لأنه قد يخفي جانبا يتناقض مع كتاب الله وسنة رسوله. إن مصطلح الإرهاب كلمة إيجابية اقترنت بالجهاد, لذلك فمن الأفضل أن نطلق مصطلح العنف. فكما استطاعت وزارة المالية والاقتصاد الوطني من خلال العديد من الإجراءات القانونية والأمنية أن "تجفف", ولو جزئيا, المنابع المالية للعنف, فإن هناك منابع, أو مستنقعات, هي "أشد" خطورة من الاقتصاد. ذلك هو "الفكر". ذلك أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، ولا يمكن مواجهة الفكر بعواطف جياشة, ولا شذب ولا استنكار. بل إن هذه الفئة الضالة لن تزداد إلا عنادا. السبب أن هذه الفئة تنطلق من "منطلقات" فكرية منحرفة, حتى وإن كانت نصوصا شرعية, ذلك أن "المرونة" التي تتميز بها النصوص الشرعية قد تكون أحيانا سلاحا ذو حدين.
فمن أجل ذلك توجب على الجهات التي تشرف على قنوات الاتصال (التقليدية والحديثة) أن تساهم معا في تجفيف المستنقعات الفكرية "كتصورات" تنطلق منها "التصرفات" العنيفة. وأقصد بقنوات الاتصال "التقليدية" منابر المساجد, وخطب الجمعة, والصوالين, والمنتديات الأدبية, ناهيك عن دور قاعات التربية والتعليم. جميع هذه القنوات التقليدية في الاتصال قد تضاهي القنوات "الحديثة" مثل الراديو والتلفزيون, والانترنيت في تأثيرها على الجماهير.
هذا التأثير الجماهيري يجب أن "تتكاتف" قنوات الاتصال على مواجهته. ذلك يعني لآن "تتعاضد" الوزارات المعنية في ذلك. لذلك يتوجب تشكيل لجنة على مستوي وزاري يجمع بين عدة وزارات, منها الثقافة والإعلام, الشئون الإسلامية, التعليم العالي, المعارف. وفي هذه اللجنة يتم بداية تحديد"معالم عامة" كأسباب ونتائج لهذا الحدث الوطني, بل والعالمي.
بعد أن يتم تحديد تلك المعالم العامة من خلال اللقاء الوزاري, يتم تشكيل لجان تفصيلية تنفيذية يكون دورها تحديد "المفردات" التي يتوجب على جهة من الجهات ذات العلاقة القيام بإسقاطها وتنفيذها في جمهورها الداخلي.
وإذا أردنا أن نأخذ مثلا تفصيليا على ما سبق قوله, فإن اللجنة الوزارية قد تقترح, مثلا, أن من أسباب العنف غياب مفردة (الحوار الهاديْ) عن عقول أصحاب السلوكيات العنيفة. وهنا يأتي دور وزارات التعليم, الجامعي ودون الجامعي, بل حتى مرحلة الروضة, أن تسعى لإسقاط هذه المفردة في مناهجها التعليمية, بل إن "طرق" التدريس أهم من "مناهج" التعليم.
ذلك يعني أن نضع "مفردات" تعليمية تصنع وتبرمج الطالب على أدب, ومهارة, وفن الحوار, مثال ذلك مفردات في التعبير, والرسم, والتمثيل والنشاط المسرحي, ومقاطع للإعراب اللغوي, والترجمة. مثال ذلك أن نقول للطالب أعرب الجملة التالية : (حاور زيد عمرو), بدل من أن نقول له : (ضرب زيد عمرو). وفوق مفردات التعليم أن يتم بث هذه المعلومة من خلال "أسليب" أفقية للتدريس تقوم على الحوار والنقاش بين الطالب والمدرس, بدلا من الأسلوب المعهود في أحادية رأسية لطرح للمعلومة, ناهيك عن الحشو الذهني الذي لا يعترف ولا يحترم عقلية الطفل في السؤال والحوار, بل وفي الرفض أحيانا.
إن هذا الأسلوب التعليمي "الأحادي" العقيم في الطرح "منظومة" تصنع في العقل الطفل "معلومة" الرفض للآخر. إن (الفرض والرفض) منظومة تعليمية تبرمج العقل على "فرض" الرأي الشخصي, مع "رفض" حق الآخر في عرض معلومته, ناهيك عن تطبيقها. ( لذلك فإن المنظومة تصنع معلومة).
فمن أجل كل ذلك فإن مقولة (تغيير المناهج), وإن كان الأولى منها كلمة (تطوير), ترتكز على محور أساس وهو تطوير "أساليب العرض للمعلومة" لتصبح منظمة "حوارية" ناهيك عن تطوير مفردات المناهج لتحتوي أدب وفن الحوار والخلاف.
وكذلك تنصرف نفس طريقة التفكير والتنفيذ على وزارة الثقافة والإعلام على صياغة وتقديم "برامج" تصنع وتبرمج المشاهد والسامع والقاريْ على أدب ومهارة وفن الحوار وكيفية التعامل مع المخالف. ولقد شهدت فترة الإدارة في عهد الدكتور الفارس وزير الثقافة والإعلام العديد من البرامج الحوارية, والتي لم نشهدها في عهود سابقة. بل تجد العديد من البرامج التي تجمع رجال الأمن والمدنيين في برنامج واحد.
ولكن الحاجة اليوم "أعمق", وأكثر حساسية, من السابق إلى المزيد من هذا "المسار" البرامجي لتشمل حوار من الأسفل إلى الأعلى - محاسبة ومسائلة - بعد أن كانت مجرد حوار بين مترادفات أفقية بين النظائر. وهكذا يتطور الإعلام ليشمل الثلاثة الأسهم للإعلام الناجع ليكون اتصالا بحق وحقيقة, بدلا من أن يكون "دعاية" في صورة "إعلام".
المقصود هنا أن تكون وسائل الإعلام تحوي ثلاثة أسهم :
(1) السهم الهابط من القيادة للجماهير,
(2) السهم الصاعد من الجماهير إلى القيادة,
(3) السهم الأفقي بين النظائر, سواء منها على مستوى القيادة, أو الجماهير.
هذه هي "المنظومة" الإعلامية التي تصنع "معلومة" الحوار, أما الاكتفاء بالطرح اللفظي لمفردات الحوار, فتلك وسائل لفظية لا تكفي لصنع المعلومة التي نسعى لبرمجتها في النظام العصبي لأجيال المستقبل محاربة وتجفيفا لمستنقعات العنف.
وإذا أردت "دليلا" عمليا على استشراء داء العنف في أي مجتمع, فما عليك سوى أن تلاحظ منظومة وأسلوب قيادة أفراد هذا المجتمع للمركبات. هذه المنظومة تُعبر عن معلومة. هل يقف قائد المركبة للآخر في تقاطعات الشوارع؟ إن من لا يقف للآخر الذي يأتي من الشارع الآخر, لن يحترم من يخالفه الرأي الفكري, الذي حقيقة يأتي كذلك من اتجاه آخر. وهذا ما نجده من أكثر أسباب الحوادث والوفيات دليلا عمليا نظاميا على معلومة وأسلوب تعامل المجتمع مع الاتجاه الآخر.
إن الخطب لجد خطير, ولا تكفي معه أساليب الشجب والاستنكار والتنديد. نحن نواجه فئة تحمل فكرا"مؤصلا" تدفع من أجله أغلى ما تملك, وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا, وما تاريخ الخوارج عنا ببعيد, حتى قال عنهم المبعوث رحمة للعالمين, صلى الله عليه وسلم وصفا للخوارج : (يحقر أحدكم صلاته إلى صلاته). وذلك يشير إلى منطلق ديني عميق, ولكن مشوه. فكيف نواجه هذا الفكر التكفيري؟ ليس له إلا "التجفيف لمستنقعاته" التي ينبثق منها, مع ملاحظة أن المستنقع قد لا يكون في "الأصل" الذي خرج منه الماء, بل في "المسار" الذي تحرك فيه الماء.
نسأ الله أن يرينا الحق حقا, وأن يرزقنا اتباعه؛ وأن يرينا الباطل باطلا, ويرزقنا اجتنابه, فما أضر على الفرد من أن يكله الله إلى نفسه, فاللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
والله من وراء القصد, والهادي إلى سواء السبيل.
فمن أجل ذلك توجب على الجهات التي تشرف على قنوات الاتصال (التقليدية والحديثة) أن تساهم معا في تجفيف المستنقعات الفكرية "كتصورات" تنطلق منها "التصرفات" العنيفة. وأقصد بقنوات الاتصال "التقليدية" منابر المساجد, وخطب الجمعة, والصوالين, والمنتديات الأدبية, ناهيك عن دور قاعات التربية والتعليم. جميع هذه القنوات التقليدية في الاتصال قد تضاهي القنوات "الحديثة" مثل الراديو والتلفزيون, والانترنيت في تأثيرها على الجماهير.
هذا التأثير الجماهيري يجب أن "تتكاتف" قنوات الاتصال على مواجهته. ذلك يعني لآن "تتعاضد" الوزارات المعنية في ذلك. لذلك يتوجب تشكيل لجنة على مستوي وزاري يجمع بين عدة وزارات, منها الثقافة والإعلام, الشئون الإسلامية, التعليم العالي, المعارف. وفي هذه اللجنة يتم بداية تحديد"معالم عامة" كأسباب ونتائج لهذا الحدث الوطني, بل والعالمي.
بعد أن يتم تحديد تلك المعالم العامة من خلال اللقاء الوزاري, يتم تشكيل لجان تفصيلية تنفيذية يكون دورها تحديد "المفردات" التي يتوجب على جهة من الجهات ذات العلاقة القيام بإسقاطها وتنفيذها في جمهورها الداخلي.
وإذا أردنا أن نأخذ مثلا تفصيليا على ما سبق قوله, فإن اللجنة الوزارية قد تقترح, مثلا, أن من أسباب العنف غياب مفردة (الحوار الهاديْ) عن عقول أصحاب السلوكيات العنيفة. وهنا يأتي دور وزارات التعليم, الجامعي ودون الجامعي, بل حتى مرحلة الروضة, أن تسعى لإسقاط هذه المفردة في مناهجها التعليمية, بل إن "طرق" التدريس أهم من "مناهج" التعليم.
ذلك يعني أن نضع "مفردات" تعليمية تصنع وتبرمج الطالب على أدب, ومهارة, وفن الحوار, مثال ذلك مفردات في التعبير, والرسم, والتمثيل والنشاط المسرحي, ومقاطع للإعراب اللغوي, والترجمة. مثال ذلك أن نقول للطالب أعرب الجملة التالية : (حاور زيد عمرو), بدل من أن نقول له : (ضرب زيد عمرو). وفوق مفردات التعليم أن يتم بث هذه المعلومة من خلال "أسليب" أفقية للتدريس تقوم على الحوار والنقاش بين الطالب والمدرس, بدلا من الأسلوب المعهود في أحادية رأسية لطرح للمعلومة, ناهيك عن الحشو الذهني الذي لا يعترف ولا يحترم عقلية الطفل في السؤال والحوار, بل وفي الرفض أحيانا.
إن هذا الأسلوب التعليمي "الأحادي" العقيم في الطرح "منظومة" تصنع في العقل الطفل "معلومة" الرفض للآخر. إن (الفرض والرفض) منظومة تعليمية تبرمج العقل على "فرض" الرأي الشخصي, مع "رفض" حق الآخر في عرض معلومته, ناهيك عن تطبيقها. ( لذلك فإن المنظومة تصنع معلومة).
فمن أجل كل ذلك فإن مقولة (تغيير المناهج), وإن كان الأولى منها كلمة (تطوير), ترتكز على محور أساس وهو تطوير "أساليب العرض للمعلومة" لتصبح منظمة "حوارية" ناهيك عن تطوير مفردات المناهج لتحتوي أدب وفن الحوار والخلاف.
وكذلك تنصرف نفس طريقة التفكير والتنفيذ على وزارة الثقافة والإعلام على صياغة وتقديم "برامج" تصنع وتبرمج المشاهد والسامع والقاريْ على أدب ومهارة وفن الحوار وكيفية التعامل مع المخالف. ولقد شهدت فترة الإدارة في عهد الدكتور الفارس وزير الثقافة والإعلام العديد من البرامج الحوارية, والتي لم نشهدها في عهود سابقة. بل تجد العديد من البرامج التي تجمع رجال الأمن والمدنيين في برنامج واحد.
ولكن الحاجة اليوم "أعمق", وأكثر حساسية, من السابق إلى المزيد من هذا "المسار" البرامجي لتشمل حوار من الأسفل إلى الأعلى - محاسبة ومسائلة - بعد أن كانت مجرد حوار بين مترادفات أفقية بين النظائر. وهكذا يتطور الإعلام ليشمل الثلاثة الأسهم للإعلام الناجع ليكون اتصالا بحق وحقيقة, بدلا من أن يكون "دعاية" في صورة "إعلام".
المقصود هنا أن تكون وسائل الإعلام تحوي ثلاثة أسهم :
(1) السهم الهابط من القيادة للجماهير,
(2) السهم الصاعد من الجماهير إلى القيادة,
(3) السهم الأفقي بين النظائر, سواء منها على مستوى القيادة, أو الجماهير.
هذه هي "المنظومة" الإعلامية التي تصنع "معلومة" الحوار, أما الاكتفاء بالطرح اللفظي لمفردات الحوار, فتلك وسائل لفظية لا تكفي لصنع المعلومة التي نسعى لبرمجتها في النظام العصبي لأجيال المستقبل محاربة وتجفيفا لمستنقعات العنف.
وإذا أردت "دليلا" عمليا على استشراء داء العنف في أي مجتمع, فما عليك سوى أن تلاحظ منظومة وأسلوب قيادة أفراد هذا المجتمع للمركبات. هذه المنظومة تُعبر عن معلومة. هل يقف قائد المركبة للآخر في تقاطعات الشوارع؟ إن من لا يقف للآخر الذي يأتي من الشارع الآخر, لن يحترم من يخالفه الرأي الفكري, الذي حقيقة يأتي كذلك من اتجاه آخر. وهذا ما نجده من أكثر أسباب الحوادث والوفيات دليلا عمليا نظاميا على معلومة وأسلوب تعامل المجتمع مع الاتجاه الآخر.
إن الخطب لجد خطير, ولا تكفي معه أساليب الشجب والاستنكار والتنديد. نحن نواجه فئة تحمل فكرا"مؤصلا" تدفع من أجله أغلى ما تملك, وهم يظنون أنهم يحسنون صنعا, وما تاريخ الخوارج عنا ببعيد, حتى قال عنهم المبعوث رحمة للعالمين, صلى الله عليه وسلم وصفا للخوارج : (يحقر أحدكم صلاته إلى صلاته). وذلك يشير إلى منطلق ديني عميق, ولكن مشوه. فكيف نواجه هذا الفكر التكفيري؟ ليس له إلا "التجفيف لمستنقعاته" التي ينبثق منها, مع ملاحظة أن المستنقع قد لا يكون في "الأصل" الذي خرج منه الماء, بل في "المسار" الذي تحرك فيه الماء.
نسأ الله أن يرينا الحق حقا, وأن يرزقنا اتباعه؛ وأن يرينا الباطل باطلا, ويرزقنا اجتنابه, فما أضر على الفرد من أن يكله الله إلى نفسه, فاللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
والله من وراء القصد, والهادي إلى سواء السبيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق