الثلاثاء، أغسطس 12، 2008

(8) تغيير التاريخ الشخصي (ب)

لقد كان الهدف في التقنية السابقة هو صناعة الجانب الإيجابي وتحطيم المرساة السلبية بمرساة إيجابية، دون نقاش أو تغيير أو تعامل مع الأحداث والذكريات السلبية. لذلك نسعى هنا في هذه التقنية إلى تغيير التاريخ الشخصي من خلال التعامل والاستشارة للذكرى السلبية.
ونتذكر هنا ما قيل سابقا من أثر التلوين والإضافة الشخصية على الأحداث مما يجعلها تتلون بصبغة لا علاقة لها بالحقيقة والواقع. هذا التغيير قد يكون سلبيا لدرجة أنه يغير منظور الشخص إلى هويته. لذلك نسعى في هذه التقنية أن نعود بالشخص إلى التجربة، أو التجارب، التي لونها بطريقته الشخصية سلبيا. ثم نحاول معه أن يعيد برمجتها بطريقة إيجابية. هذا التغيير الإيجابي يغير التاريخ الشخصي. ومن خلال تغيير التاريخ يتغير الحاضر والمستقبل.
وتشبه هذه التقنية ما يقوم به المخرج للفيلم من إضافة للمؤثرات من إضاءة، وصوت، وصورة تُغيير الواقع بحيث تجعل هذه المؤثرات الحدث مضحكا أو مبكيا، ومثال ذلك الأفلام المضحكة التي تستهزئ بالأفلام المرعبة من خلال تغيير بعض المؤثرات، فتتغير ردة الفعل. وهذا بيت القصيد.
ويتم تطبيق التجربة كالتالي، وذلك بعد إيجاد كل من الوئام وصمام الأمان، ومعايرة وتحديد دقيق لمعالم الحالة الراهنة، وتحديد للحالة المطلوبة:
1. ارسم خط الزمن، وحدد الحاضر والماضي والمستقبل. حدد على خط الزمن زمانا ومكانا لا زلت تشعر فيه بأفكار ومشاعر سلبية. وفي حالة عدم معرفة الزمان والمكان الذي انبثقت منه الحالة السلبية، نستعين ب (الإرساء البحثي Search Anchore ). وبعد معرفة موقع الحدث، اسأل المستفيد : (كيف تعرف أنه يؤثر فيك سلبيا؟ عندما تتذكر هذه التجربة، ما هي الأفكار والمشاعر والسلوكيات التي تتداعى إليك؟).
2. ارجع إلى الزمن الحاضر، وأخرج المستفيد من الحالة،
3. اطلب من المستفيد أن يضع نفسه في موقع المراقبMeta State ويتخيل نفسه كأنه طائر، أو بأي وضع آخر يختاره يشرف وينظر ويتأمل من بعد الأحداث تحته،و،يرى خط الزمن كله أمامه، بماضية، وحاضره، ومستقبله، ينظر إلى تلك المعضلة من موقع المراقب. اطلب منه مراقبة جسده على خط الزمن، وتأكد أنه يحقق حالة الانفصال، ويتأمل الحدث السلبي الذي وقع من بُعد، صوتا وصورة فقط، دون مشاعر. وإذا وجد المستفيد صعوبة في ذلك التأمل لأن المشاعر قد تفرض نفسها عليه، فإنه يستطيع أن يحقق التأمل الصوري والصوتي فقط. إذا اطلب منه أن يتخيل أن بينه وبين التجربة السلبية لوح زجاج مضاد للرصاص. إذاً هو في موقع آمن. ولا بأس أن يتخيل أن معه شخصا، أو شيئا، يُشعره بالأمان،
4. من موقع المراقب، وهو يعاين الحدث هناك ويرى جسده هناك يعيش الحدث، اطلب من المستفيد أن يحلل الحدث، ويستنبط منه الدروس والعبر والفوائد الإيجابية. ولا بأس أن تسأله: (ماذا كنت تحتاج من موارد في تلك الفترة من تاريخك أثناء حدوث التجربة؟ ماذا كان المشاركون في الحدث يحتاجون من موارد في تلك الفترة التي حدثت فيها التجربة؟)،
5. اطلب من المستفيد أن يحدد الموارد والمصادر المطلوبة لمثل تلك التجربة. المهم أن تكون هذه المصادر في متناول وقدرة الفرد الشخصية الذاتية، دون تدخل عوامل خارجية،
6. اطلب من المستفيد أن يرجع بجسده إلى الزمن الحاضر، ويستجمع الموارد التي تم تجميعها من تاريخه الشخصي،
7. حدد وارسي كل الموارد في مرساة واحدة،
8. دعِّم وضخِّم كل مرساة ثم جربها،
9. اطلب من المستفيد أن يرجع إلى موقع المراقب، وينقل الموارد إلى ذاته التي يتأملها من موقع المراقب. اطلب منه أن يقدم الموارد إلى شخصه الذي يراقبه من بُعد. كذلك قدم الموارد الإيجابية الجديدة إلى الأشخاص المشاركين،
10. اطلب منه أن يسترجع التجربة كأنها تحدث مرة أخرى، بعد أن تم تزويد ذاته بالموارد الجديدة، تأمل التجربة وهي تحدث من جديد،
11. تحقق من النتائج:
ـ هل أصبحت نتيجة التجربة أفضل؟
ـ هل تم دعم قدراتك بحيث تغير سلوكك وبيئتك؟
ـ هل تزودك هذه التجربة بخريطة أفضل عن هويتك؟
12. اطلب من المستفيد أن يعيش التجربة (متصلا) وكرر الخطوة السابقة،
13. اعبر بالمستفيد خط الزمن، إلى الحاضر، وهو يحمل موارده الجديدة :
14. وأثناء مروره على خط الزمن - من منطقة بداية المعضلة، بعد أن تم استثارتها ودعمها بالموارد الجديدة - اطلب من المستفيد أن يتحرك إلى الحاضر وهو يحمل هذه التجربة التي أصبحت كأنها جديدة بعد أن تم تلوينها وتغييرها بطريقة جديدة في مصلحة الفرد. ولا بأس هنا من أن تطلق المرساة طوال فترة سفره وتحركه عبر خط الزمن إلى الحاضر، ومنه إلى المستقبل.
وتستطيع، كل من وزارة الإعلام والثقافة من خلال المسلسلات، وكذلك وزارة التربية والتعليم من خلال مفردات المناهج، أن تعالج العديد من الأحداث التي يمكن أن تؤثر سلبيا في شخصية المواطن. ومن خلال تطبيق هذه التقنية على مستوى الوطن نستطيع أن نغير العديد من العقبات المتعلقة بالهوية.

ليست هناك تعليقات: