استراتيجية تخطيط للإعلام الإسلامي
إن التحرك "العشوائي" دون استراتيجية "مرحلية" يقود بعضها إلي البعض الآخر, يجعل هذا التحرك "يتخبط" بين ردود الأفعال, (إرهاقا للكيان وضعفا للإنتاجية). ويمكن بناء هذه الاستراتيجية على أساس معرفة "المراحل" العملية في حياة الإنسان, والتي تتشكل عليها مراحل المعلومات في عقل الإنسان. وهذا سر استراتيجي في التطوير, فكلما "التصقت" في تحركك على أساس "فطرة" الإنسان, كلما كان تحركك مضمون "توازنه" وتوائمه مع هذا الإنسان, بل ومحققا أكبر وأشمل تطوير لا يضرب بعضه البعض الآخر تناقضا, فلا تضج ولا تضيق بك الأرض بما رحبت.
إن بداية أي تحرك في التطوير يتمثل في تعريف الهوية. ما هو المقصود بالإعلام الإسلامي؟ من هو الإعلامي المسلم؟ هل أنت مسلم إعلامي, أو مسلم إعلامي؟ هذه الهوية تتضمن جانبين: (1) الإعلام, (2) الإسلام, ولك أن تبدأ بما تشاء ولكن الفرق كبير. وهنا مربط الفرس في تنوع وتناقض نماذج الإعلام الإسلامي. أن عدم وضوح وترتيب هذين المصطلحين جعل العديد من نماذج الإعلام الإسلامي "يُضِّيق" واسعا, بل "ويحجر" على صاحبه ما بعد مرحلة الهوية.
إن العديد من العاملين في الإعلام "يخلط" بين هذا المصطلح وبين كل من مصطلح الاتصال, والدعاية, ولإعلان, وكلٌ فردٌ مستقل في أسرة واحدة. إن "الخلط", وعدم وضوح "الفرق" بين هذه التعريفات جعل العديد من النماذج "يتخبط" في تحركه تكوينا للمؤسسة الإعلامية.
وتزداد (الطِينَةَ بِلَة) بعدم وضوح "ماهية" الإسلام. ورغم ثبات مصادر الشريعة من قرأن وسنه تكفل الله بحفظهم, إلا أن "تحركنا" بداية لفهم هذه المقاصد بمنظور سابق, "يلون" فهمنا لمقاصد هذا الدين الحنيف الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, كأن يلبس أحدنا نظارة زرقاء أو حمرا ليرى بها القمر الأبيض الناصع في أيامه البيض.
لذلك تندهش وأنت تتقلب بين القنوات الإعلامية الإسلامية صحافة وإذاعة وتلفازا, وأنت ترى ذلك التنوع والتناقض في الطرح, وكلهم يدعي وصلا بليلى. وسر هذا التناقض, قربا وبعدا عن الحق والحقيقة, هو بداية التحرك في "تحديد" الهوية: (من) هو الإعلام الإسلامي؟ ولن يخوض المقال في التوضيح لهذه الهوية. توضيح ذلك يتطلب مقابلات بالساعات, بل والأيام مع كل مؤسسة بمفرها.
ثانيا : (من الهوية تنبع القيم). هنا يأتي السؤال: (لماذا) كل عنصر من عناصر الهوية مهم للهوية؟ ماذا تقدم هذه العناصر لصاحبها؟ وهنا نسأل الإعلام الإسلامي: لماذا الإعلام مهم؟ لماذا الإسلام مهم؟ ما هي أهمية كل عنصر؟ إن تحديد قيمة كل عنصر يصنع ما بعده من مراحل تحركا استراتيجيا. لذلك يتوجب على القنوات الإعلامية الإسلامية, بل وغيرها من المؤسسات, بل والإفراد, أن تسأل "لماذا" الإعلام مهم لي, "لماذا" الإسلام مهم لي؟
ويأتي بعد تحديد معالم القيم, أن يتم "توصيف" الأولويات. أي قيمة أهم من أختها؟ أي قيمة نبدأ بها قبل أختها؟ كم ننفق على كل قيمة؟ هل نوزع ميزانية وقدرات المؤسسة بين قيمها بالتساوي؟ تلك مرحلة حساسة كذلك في استراتيجية بناء المؤسسة لبيان تسلسل سلم مراحل الاولويات فلا تطيش الأسهم, ولات حين مناص. ومن هنا تفهم لماذا تخلفت وتراجعت العديد من المؤسسات عن الركب مع نظائرها, بل وتجد العديد من اللوحات (تقبيل لعدم التفرغ).
ثالثا: (من القيم تنبع القدرات). وهنا يأتي السؤال : (كيف) أستطيع أن أترجم كل قيمة من القيم السابق؟ ما هي المتطلبات والإمكانيات التي أحتاجها لترجمة كل قيمة في الواقع العملي, (أقيس قبل الغطيس). وهنا يتم تحديد كل قيمة بمفردها, ليتم البحث عن "القدرات", التي تعين على تحقيق كل "قيمة" بمفردها.
وبالطبع نحتاج, كما فعلنا مع القيم, أن نحدد سلم أولويات القدرات. أي قدرة هي أهم من غيرها؟ على أي أساس يتم توزيع الميزانية والإمكانيات لدى المؤسسة بين قدراتها التي تُتَرجِم قيمها؟ هل يتم ذلك بناء على قناعة شخصية ورأي فردي, أم على أساس العلاقة الشخصية مع صاحب كل قدرة؟ أم أنه (شختك بختك). ولن يخوض المقال في التوضيح لهذه القدرات, ناهيك عن أولوياتها. توضيح ذلك يتطلب مقابلات بالساعات, بل والأيام مع كل مؤسسة بمفرها. وهنا يأتي التحرك للبحث عن "القدرة" المناسبة, التي ثبت أولويتها على غيرها, التي تحقق تلك القيمة, التي ثبت أولويتها على غيرها, من منطلق الهوية التي عرفنا أجزائها, تحركا استراتيجيا تصاعديا يقود كل مستوى إلى ما فوقه.
رابعا: (ومن القدرات تنبع السلوكيات). وهنا يأتي السؤال : (ماذا) افعل سلوكيا, وبالتحديد لأترجم كل قدرة من القدرات السابق بيانها؟ ما هي التحركات والسلوكيات الدقيقة التي أحتاجها لتطبيق كل قدرة في الواقع العملي الميداني, (لأقيس قبل الغطيس). وهنا يتم تحديد كل قدرة بمفردها, ليتم البحث عن السلوكيات التي تعين على تحقيق كل قدرة بمفردها في واقع ميداني لا محاجاة فيه.
وبالطبع نحتاج. كما فعلنا مع القدرات. أن نحدد سلم أولويات السلوكيات. أي سلوك وتصرف هو أهم من غيره؟ على أي أساس يتم توزيع النشاط والوقت لدى المؤسسة بين نشاطاتها التي تُتَرجِم قدراتها؟ هل يتم ذلك بناء على تصور شخصي, أم نتحرك على أساس العلاقة الشخصية وجهد الآخر في إقناعنا بضرورة وأهمية نشاطه للظهور إلى السطح للبث والنشر؟ أم أنه (شختك بختك).
ولن يخوض المقال, كذلك, في التوضيح لهذه السلوكيات, ناهيك عن أولوياتها. توضيح ذلك يتطلب مقابلات بالساعات, بل والأيام مع كل مؤسسة بمفرها. وهنا يأتي التحرك للبحث عن "السلوكيات" المناسبة التي تم تصفيف اولوياتها, التي تحقق تلك "القدرات" التي ثبتت اولوياتها, لترجمة تلك "القيم, التي ظهرت أولويتها, لترجمة الهوية التي تم صياغتها في أول التحرك, تحركا استراتيجيا :تصاعديا" مرحليا يقود كل مستوى إلى ما بعده تصاعديا من الهوية, إلى القيم, إلى القدرات, إلى السلوك.
وبعد كل ذلك التحرك الاستراتيجية المرحلي تصاعديا يتم صناعة وتشكيل البيئة, والتي هي الهدف النهائي من جميع المراحل السابقة, والتي هي هدفك التي تنشد إلى تحقيقه في واقعك, وفي حياتك, وضمن وطنك, وفي إطار قومك, ضمن منظومة أمتك, بل وتحت مظلة العالم الأوسع. وهكذا يتم ترجمة قول الحق سبحانه: إن الله لا يغير بقوم, حتى يغيروا ما بأنفسهم.
لذلك فمن أجل تحقيق "البيئة" التي تريد, يتوجب التحرك استراتيجيا :
(1) معرفة أجزاء الهوية, (من)
(2) بيان قيم عناصر الهوية, مع بيان أولويات هذه القيم, (لماذا)
(3) معرفة قدرات كل قيمة, مع بيان أولويات هذه القدرات, (كيف)
(4) تحديد سلوكيات كل قدرة, مع بيان أولوياتها هذه السلوكيات, (ماذا)
وهكذا يتم تكوين البيئة التي تتمنى وتهوى وترجوا, ناهيك عن ماهية هذه البيئة, وإن كانت على مستوى الفرد أو المؤسسة, مهما عظم حجمها. "والخطورة" كل الخطورة أن يتم التحرك استراتيجيا بالعكس "تنازليا", فنتأثر بالبيئة التي قد ننبهر بها, فنبحث عن "السلوكيات" التي تصنع ذلك "البيئة" الواقع الذي انبهرنا به, فنستجدي "القدرات" التي تصنع تلك "السلوكيات". ونتيجة لبذل الجهد تلك "السلوكيات" يقتنع العقل والحواس "بقيمة" تلك القدرات والسلوكيات. وهنا تتشكل "القيم" بناء على البيئة والسلوك والقدرة, وليس بناء على الهوية, وهنا يقع الفأس في الرأس, وهذا هو الانتحار على مستوى الأمة, حيث يتعمق الداء ويتأصل بالزمن فتتشكل "الهوية" بناء على التكرار "السلوكي" تعظيما تلك "القيم" بعد أن بذلنا من اجلها الغالي والنفيس من "قدراتنا".
وهكذا تتشكل هوية الأفراد بناء على بيئة أقتنع بها بعض الأفراد, ليَقّدُموا قومهم يوم القيامة فيريدوهم النار, حيث تحركوا استراتيجيا "تنازليا", تأثرا ببيئة شرقا وغربا, في سلوكيات صنعت قدرات, شكلت قيم, بنت هوية. بئس الورد المورود.
بل وتجد بعض المؤسسات تتحرك عشوائيا بمنطق مشوه, من منطلق قدراتها, (فتبحث عما يناسب قدراتها من قيم لصناعة بيئة تتمنى أن تقتبسها), فتقوم بسلوكيات تصنع في مؤسستها هوية اجتثت من الأرض مالها من قرار, تحركا مشوها.
إذا الدعوة موجهة للإعلام الإسلامي, وبالذات الفضائي منه, بل وكل عمل مؤسسي, حتى التطور الفردي, (أن يتم يتحرك استراتيجيا تصاعديا) بدا "بالهوية" لنسال "من" نحن, ونعرف بعد ذلك "قيمة" كل جزء في الهوية سؤالا "لماذا" هذا الجزء مهم, فنستطيع بعد ذلك أن نجمع القدرات التي تصنع تلك القيم سؤال "كيف" نستطيع أن نترجم تلك القيم في الواقع؟ وهكذا بكل بساطة يستطيع أحدنا أن يعرف "ماذا" يجب أن يفعل من "سلوك". وهكذا يصنع أحدنا البيئة التي يريد, ويتمنى, ويشتهي, ويرجوا, ويحلم, بل ويتعبد الله لها. فكذلك يتم بناء بيئة اليوم الآخر مزرعة في الدنيا لحصاد في بيئة الآخرة عرضها كعرض السماوات والأرض.
ولا بأس بالمثال البسيط لنوضح الإشكال. لو فرضنا :
(1) أن هوية الإسلام تعني, مثلا, أن أخدم الاتصال الذاتي, ضمن خمسة أبعاد توضحها أحدى نظريات الإعلام الإسلامي المسماة بنظرية الاتصال خماسية الأبعاد5-D) ) في الكيان الإنساني. وفي نفس الوقت عرفنا أن هوية الإعلام تعني الحوار الأفقي, دون "فرضا" رأسيا للمعلومة من المرسل إلى المستقبل, بل" تواصلا" بين طرف وآخر. وهكذا نعرف (من)؟
(2) وقد ثبت, بعد ذلك تحديد سلم أولويات القيم, بناء للأسرة لمحاربة ارتفاع نسبة الطلاق في العالم العربي, وفي الخليج خاصة, وهكذا عرفنا (لماذا)؟
(3) ومن هناك عرفنا حاجتنا إلى قدرة الدورات المتخصصة في علم النفس والبرمجة اللغوية العصبية للتكوين مهارات الاتصال في الأفراد الراغبين في الزواج, وهكذا عرفنا (كيف)؟
(4) ومن ثم نتحرك سلوكيا في برامج حوارية تحدد "ماذا" يفعل كل من الرجل والمرآة, وهكذا عرفنا (ماذا)؟
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل, إذ ما بنا من نعمة فمن الله, وإذ لا حول ولا قوة إلا بالله العي العظيم.
إن التحرك "العشوائي" دون استراتيجية "مرحلية" يقود بعضها إلي البعض الآخر, يجعل هذا التحرك "يتخبط" بين ردود الأفعال, (إرهاقا للكيان وضعفا للإنتاجية). ويمكن بناء هذه الاستراتيجية على أساس معرفة "المراحل" العملية في حياة الإنسان, والتي تتشكل عليها مراحل المعلومات في عقل الإنسان. وهذا سر استراتيجي في التطوير, فكلما "التصقت" في تحركك على أساس "فطرة" الإنسان, كلما كان تحركك مضمون "توازنه" وتوائمه مع هذا الإنسان, بل ومحققا أكبر وأشمل تطوير لا يضرب بعضه البعض الآخر تناقضا, فلا تضج ولا تضيق بك الأرض بما رحبت.
إن بداية أي تحرك في التطوير يتمثل في تعريف الهوية. ما هو المقصود بالإعلام الإسلامي؟ من هو الإعلامي المسلم؟ هل أنت مسلم إعلامي, أو مسلم إعلامي؟ هذه الهوية تتضمن جانبين: (1) الإعلام, (2) الإسلام, ولك أن تبدأ بما تشاء ولكن الفرق كبير. وهنا مربط الفرس في تنوع وتناقض نماذج الإعلام الإسلامي. أن عدم وضوح وترتيب هذين المصطلحين جعل العديد من نماذج الإعلام الإسلامي "يُضِّيق" واسعا, بل "ويحجر" على صاحبه ما بعد مرحلة الهوية.
إن العديد من العاملين في الإعلام "يخلط" بين هذا المصطلح وبين كل من مصطلح الاتصال, والدعاية, ولإعلان, وكلٌ فردٌ مستقل في أسرة واحدة. إن "الخلط", وعدم وضوح "الفرق" بين هذه التعريفات جعل العديد من النماذج "يتخبط" في تحركه تكوينا للمؤسسة الإعلامية.
وتزداد (الطِينَةَ بِلَة) بعدم وضوح "ماهية" الإسلام. ورغم ثبات مصادر الشريعة من قرأن وسنه تكفل الله بحفظهم, إلا أن "تحركنا" بداية لفهم هذه المقاصد بمنظور سابق, "يلون" فهمنا لمقاصد هذا الدين الحنيف الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, كأن يلبس أحدنا نظارة زرقاء أو حمرا ليرى بها القمر الأبيض الناصع في أيامه البيض.
لذلك تندهش وأنت تتقلب بين القنوات الإعلامية الإسلامية صحافة وإذاعة وتلفازا, وأنت ترى ذلك التنوع والتناقض في الطرح, وكلهم يدعي وصلا بليلى. وسر هذا التناقض, قربا وبعدا عن الحق والحقيقة, هو بداية التحرك في "تحديد" الهوية: (من) هو الإعلام الإسلامي؟ ولن يخوض المقال في التوضيح لهذه الهوية. توضيح ذلك يتطلب مقابلات بالساعات, بل والأيام مع كل مؤسسة بمفرها.
ثانيا : (من الهوية تنبع القيم). هنا يأتي السؤال: (لماذا) كل عنصر من عناصر الهوية مهم للهوية؟ ماذا تقدم هذه العناصر لصاحبها؟ وهنا نسأل الإعلام الإسلامي: لماذا الإعلام مهم؟ لماذا الإسلام مهم؟ ما هي أهمية كل عنصر؟ إن تحديد قيمة كل عنصر يصنع ما بعده من مراحل تحركا استراتيجيا. لذلك يتوجب على القنوات الإعلامية الإسلامية, بل وغيرها من المؤسسات, بل والإفراد, أن تسأل "لماذا" الإعلام مهم لي, "لماذا" الإسلام مهم لي؟
ويأتي بعد تحديد معالم القيم, أن يتم "توصيف" الأولويات. أي قيمة أهم من أختها؟ أي قيمة نبدأ بها قبل أختها؟ كم ننفق على كل قيمة؟ هل نوزع ميزانية وقدرات المؤسسة بين قيمها بالتساوي؟ تلك مرحلة حساسة كذلك في استراتيجية بناء المؤسسة لبيان تسلسل سلم مراحل الاولويات فلا تطيش الأسهم, ولات حين مناص. ومن هنا تفهم لماذا تخلفت وتراجعت العديد من المؤسسات عن الركب مع نظائرها, بل وتجد العديد من اللوحات (تقبيل لعدم التفرغ).
ثالثا: (من القيم تنبع القدرات). وهنا يأتي السؤال : (كيف) أستطيع أن أترجم كل قيمة من القيم السابق؟ ما هي المتطلبات والإمكانيات التي أحتاجها لترجمة كل قيمة في الواقع العملي, (أقيس قبل الغطيس). وهنا يتم تحديد كل قيمة بمفردها, ليتم البحث عن "القدرات", التي تعين على تحقيق كل "قيمة" بمفردها.
وبالطبع نحتاج, كما فعلنا مع القيم, أن نحدد سلم أولويات القدرات. أي قدرة هي أهم من غيرها؟ على أي أساس يتم توزيع الميزانية والإمكانيات لدى المؤسسة بين قدراتها التي تُتَرجِم قيمها؟ هل يتم ذلك بناء على قناعة شخصية ورأي فردي, أم على أساس العلاقة الشخصية مع صاحب كل قدرة؟ أم أنه (شختك بختك). ولن يخوض المقال في التوضيح لهذه القدرات, ناهيك عن أولوياتها. توضيح ذلك يتطلب مقابلات بالساعات, بل والأيام مع كل مؤسسة بمفرها. وهنا يأتي التحرك للبحث عن "القدرة" المناسبة, التي ثبت أولويتها على غيرها, التي تحقق تلك القيمة, التي ثبت أولويتها على غيرها, من منطلق الهوية التي عرفنا أجزائها, تحركا استراتيجيا تصاعديا يقود كل مستوى إلى ما فوقه.
رابعا: (ومن القدرات تنبع السلوكيات). وهنا يأتي السؤال : (ماذا) افعل سلوكيا, وبالتحديد لأترجم كل قدرة من القدرات السابق بيانها؟ ما هي التحركات والسلوكيات الدقيقة التي أحتاجها لتطبيق كل قدرة في الواقع العملي الميداني, (لأقيس قبل الغطيس). وهنا يتم تحديد كل قدرة بمفردها, ليتم البحث عن السلوكيات التي تعين على تحقيق كل قدرة بمفردها في واقع ميداني لا محاجاة فيه.
وبالطبع نحتاج. كما فعلنا مع القدرات. أن نحدد سلم أولويات السلوكيات. أي سلوك وتصرف هو أهم من غيره؟ على أي أساس يتم توزيع النشاط والوقت لدى المؤسسة بين نشاطاتها التي تُتَرجِم قدراتها؟ هل يتم ذلك بناء على تصور شخصي, أم نتحرك على أساس العلاقة الشخصية وجهد الآخر في إقناعنا بضرورة وأهمية نشاطه للظهور إلى السطح للبث والنشر؟ أم أنه (شختك بختك).
ولن يخوض المقال, كذلك, في التوضيح لهذه السلوكيات, ناهيك عن أولوياتها. توضيح ذلك يتطلب مقابلات بالساعات, بل والأيام مع كل مؤسسة بمفرها. وهنا يأتي التحرك للبحث عن "السلوكيات" المناسبة التي تم تصفيف اولوياتها, التي تحقق تلك "القدرات" التي ثبتت اولوياتها, لترجمة تلك "القيم, التي ظهرت أولويتها, لترجمة الهوية التي تم صياغتها في أول التحرك, تحركا استراتيجيا :تصاعديا" مرحليا يقود كل مستوى إلى ما بعده تصاعديا من الهوية, إلى القيم, إلى القدرات, إلى السلوك.
وبعد كل ذلك التحرك الاستراتيجية المرحلي تصاعديا يتم صناعة وتشكيل البيئة, والتي هي الهدف النهائي من جميع المراحل السابقة, والتي هي هدفك التي تنشد إلى تحقيقه في واقعك, وفي حياتك, وضمن وطنك, وفي إطار قومك, ضمن منظومة أمتك, بل وتحت مظلة العالم الأوسع. وهكذا يتم ترجمة قول الحق سبحانه: إن الله لا يغير بقوم, حتى يغيروا ما بأنفسهم.
لذلك فمن أجل تحقيق "البيئة" التي تريد, يتوجب التحرك استراتيجيا :
(1) معرفة أجزاء الهوية, (من)
(2) بيان قيم عناصر الهوية, مع بيان أولويات هذه القيم, (لماذا)
(3) معرفة قدرات كل قيمة, مع بيان أولويات هذه القدرات, (كيف)
(4) تحديد سلوكيات كل قدرة, مع بيان أولوياتها هذه السلوكيات, (ماذا)
وهكذا يتم تكوين البيئة التي تتمنى وتهوى وترجوا, ناهيك عن ماهية هذه البيئة, وإن كانت على مستوى الفرد أو المؤسسة, مهما عظم حجمها. "والخطورة" كل الخطورة أن يتم التحرك استراتيجيا بالعكس "تنازليا", فنتأثر بالبيئة التي قد ننبهر بها, فنبحث عن "السلوكيات" التي تصنع ذلك "البيئة" الواقع الذي انبهرنا به, فنستجدي "القدرات" التي تصنع تلك "السلوكيات". ونتيجة لبذل الجهد تلك "السلوكيات" يقتنع العقل والحواس "بقيمة" تلك القدرات والسلوكيات. وهنا تتشكل "القيم" بناء على البيئة والسلوك والقدرة, وليس بناء على الهوية, وهنا يقع الفأس في الرأس, وهذا هو الانتحار على مستوى الأمة, حيث يتعمق الداء ويتأصل بالزمن فتتشكل "الهوية" بناء على التكرار "السلوكي" تعظيما تلك "القيم" بعد أن بذلنا من اجلها الغالي والنفيس من "قدراتنا".
وهكذا تتشكل هوية الأفراد بناء على بيئة أقتنع بها بعض الأفراد, ليَقّدُموا قومهم يوم القيامة فيريدوهم النار, حيث تحركوا استراتيجيا "تنازليا", تأثرا ببيئة شرقا وغربا, في سلوكيات صنعت قدرات, شكلت قيم, بنت هوية. بئس الورد المورود.
بل وتجد بعض المؤسسات تتحرك عشوائيا بمنطق مشوه, من منطلق قدراتها, (فتبحث عما يناسب قدراتها من قيم لصناعة بيئة تتمنى أن تقتبسها), فتقوم بسلوكيات تصنع في مؤسستها هوية اجتثت من الأرض مالها من قرار, تحركا مشوها.
إذا الدعوة موجهة للإعلام الإسلامي, وبالذات الفضائي منه, بل وكل عمل مؤسسي, حتى التطور الفردي, (أن يتم يتحرك استراتيجيا تصاعديا) بدا "بالهوية" لنسال "من" نحن, ونعرف بعد ذلك "قيمة" كل جزء في الهوية سؤالا "لماذا" هذا الجزء مهم, فنستطيع بعد ذلك أن نجمع القدرات التي تصنع تلك القيم سؤال "كيف" نستطيع أن نترجم تلك القيم في الواقع؟ وهكذا بكل بساطة يستطيع أحدنا أن يعرف "ماذا" يجب أن يفعل من "سلوك". وهكذا يصنع أحدنا البيئة التي يريد, ويتمنى, ويشتهي, ويرجوا, ويحلم, بل ويتعبد الله لها. فكذلك يتم بناء بيئة اليوم الآخر مزرعة في الدنيا لحصاد في بيئة الآخرة عرضها كعرض السماوات والأرض.
ولا بأس بالمثال البسيط لنوضح الإشكال. لو فرضنا :
(1) أن هوية الإسلام تعني, مثلا, أن أخدم الاتصال الذاتي, ضمن خمسة أبعاد توضحها أحدى نظريات الإعلام الإسلامي المسماة بنظرية الاتصال خماسية الأبعاد5-D) ) في الكيان الإنساني. وفي نفس الوقت عرفنا أن هوية الإعلام تعني الحوار الأفقي, دون "فرضا" رأسيا للمعلومة من المرسل إلى المستقبل, بل" تواصلا" بين طرف وآخر. وهكذا نعرف (من)؟
(2) وقد ثبت, بعد ذلك تحديد سلم أولويات القيم, بناء للأسرة لمحاربة ارتفاع نسبة الطلاق في العالم العربي, وفي الخليج خاصة, وهكذا عرفنا (لماذا)؟
(3) ومن هناك عرفنا حاجتنا إلى قدرة الدورات المتخصصة في علم النفس والبرمجة اللغوية العصبية للتكوين مهارات الاتصال في الأفراد الراغبين في الزواج, وهكذا عرفنا (كيف)؟
(4) ومن ثم نتحرك سلوكيا في برامج حوارية تحدد "ماذا" يفعل كل من الرجل والمرآة, وهكذا عرفنا (ماذا)؟
والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل, إذ ما بنا من نعمة فمن الله, وإذ لا حول ولا قوة إلا بالله العي العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق