السبت، يوليو 05، 2008

الخليفة الملك

كلمات من ذهب. بل مبادئ من نور. بل هي الفجر الجديد. لقد أوضحت الكلمات التي افتتح بها, خادم الحرمين الشريفين, عبدالله بن عبد العزيز آل سعود بيعته أمام الشعب "معالم" الخلافة القادمة, بل و"المنتظرة" منذ زمن طويل. لقد كانت معالم لم تنطق بها أي قيادة على وجه الأرض منذ زمن الخلافة الإسلامية.
لقد بدأ, خادم الحرمين الشريفين, كلمته بعد البيعة, بتقديم تصوره "لهوية" الأمارة, كحمل ثقيل, وأنها أمانة عظيمة, حيث يحاسبه الله على كل صغيرة وكبيرة, بل أنه لو تعثرت بغلة, ناهيك عن الإنسان, في أقصى هذا الوطن, وأدناه, فإن الله سائله ومحاسبه لما لم يسوي لها الطريق. لذلك أوضح, الخليفة الملك, هوية وماهية الأمارة, "كتصور" إسلامي للخلافة. هي حمل ثقيل وأمانة عظيمة.
نعم هي كذلك, فالأمر لا ينحصر على الدنيا, ولا على كلام الناس وعلمهم ومحاسبتهم لقيادتهم فقط, بل هي جنة ونار, وبعد حساب دقيق لكل ذرة في حياة الفرد وبحسب حجم دائرة مسئوليته, فما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد, وإذ يعلم سبحانه, قيوم السموات والأرض, خائنة الأعين, وما تخفي الصدور. ويعظُم وزن الحمل, وتعظم الأمانة بحسم حجم دائرة المسئولية. فكلنا راع, وكلنا مسئول عن رعيته. لذلك قال, ولي الأمر, أعانه الله أن الحمل ثقيل والأمانة عظيمة, فهو, خليفتنا, أعانه الله, يعلم علم اليقين, لذلك قال ما قال, أنه سوف يسأله الله على كل صغيرة وكبيرة في هذا الوطن.
ثم جاءت معاهدته, لله ولخلقه, فنحن والتاريخ شاهد, والله اكبر شهادة, كتصور شمولي لسياسته العامة, أن يتخذ, الخليفة المنتظر, القرآن دستورا والإسلام منهجا. ويتضح هذا المنهج في أهم المبادئ, التي انتقاها, دون غيرها – قائدنا, الخليفة, الملك – والتي يتطلبها خلافة وقياد هذا الزمان وهذا المكان- في تحدي - أسأل الله – الحافظ الحفيظ قيوم السموات والأرض - للخليفة الملك الحفظ والصون والحماية, أن يكون (شغله الشاغل) إحقاق للحق, وإرساء للعدل, وخدمة للمواطنين, بلا تفرقة, بلا تفرقة, بلا تفرقة.
هذه المبادئ الدينية التي شرعها رب العزة والجلالة ليترجم أحلام البشرية إلى أرض الواقع رددها الخليفة "المُنتَظر" في أول كلماته أمام الشعب الذي سيتولى "قيادته" – شُغلا شاغلا- إلى مستقبل يحدد معالمه في إحقاق الحق, وإرساء العدل, وخدمة المواطنين, بل, وبلا تفرقة. هذه هي, والله, أحلام الشعوب. وهذه هي, والله, مبادئ هذا الدين الحنيف في القرآن دستورا والإسلام منهجا. وهذا, والله, ما يصنع السلام والأمن.


وعلما منه, خليفتنا الملك, أن الحمل ثقيل وأن الأمانة عظيمة, عرف أنه, يحتاج العون من الله والإنسان, لذلك تقدم في ختام كلمته للشعب طالبا منه أن يشدوا أزره, وأن يعينوه على حمل الأمانة, وأن لا يبخلوا عليه بكل من النصح والدعاء. نعم: (1) النصح, (2) الدعاء.
نعم هذان هما "تؤمان" العلاقة بين الحاكم والمحكوم : أن ينصحوه, ولا يكونوا معه "إمعة". وهم بهذا النمط الأخير يكونوا عليه وعلى الوطن, طعنا في الظهر مع ضمة في الصدر, وليس معه, ولا في مصلحة الوطن. ومع الدعم "الأرضي" بالنصيحة, يحتاج ولي الأمر منا الدعم من "السماء" دعاء منا له, فحبل من الله, وحبل من الناس.
ونحن, شعبا, "نُكمل" مع القيادة المبايعة فنقول له في كلماتنا, "سنشد" عضك ونؤازرك, وندعو لك - من كل القلب - أن يلهمك الله رشدك, قيادة حكيمة للوطن الحبيب. وأن يُجري الله على يديك أنهار الخير, والتي قد "بدت" مظاهرها في زيادة أسعار البترول, والتي ستكون عونا على إحقاق الحق, وإرساء العدل, وخدمة المواطن, بلا تفرقة. بل أن الرؤى التي يراها العديد من الناس في الفترة الأخيرة تشير إلى إرهاصات الفجر الجديد.
ورغم هذه الوعود العظيمة من القيادة, فإن القائد "وحده" لن يحرك السفينة, مهما كان جهده وإخلاصه. إن بقية الأفراد, مهما كان حجم العمل في سفينة الوطن, فإن "التحرك" نحو المستقبل المشرق "يتطلب: من الجميع, دون استثناء, وبلا تفرقة, أن يعمل بما جاء في بيان البيعة. ومن ذلك الأمور التالية :
1- أن كل وظيفة هي في الحق حمل ثقيل وأمانة عظيمة.
2- أن يتخذ كل منا القرآن دستورا والإسلام منهجا.
3- أن يسعى كل من في تخصصه وموقع عمله على أن يكون (شغله الشاغل) إحقاق الحق, وإرساء العدل, وخدمة المواطنين, بلا تفرقة.
4- أن يستعين كل منا بمن حوله من أفراد فيطلب منهم أن يشدوا أزره, وأن يعينوه على حمل الأمانة, وأن لا يبخلوا عليه بالنصح والدعاء.
جزاك الله عنا يا أيها الخليفة الملك, يا خادم الحرمين الشريفين, بما بدأته من "إضاءة" لأهم معالم طريق المستقبل الذي ستقودنا إليه, فأنت, القدوة التي ينظر إليها جميع أفراد الوطن, فأنت تحمل أكبر مظلة يستظل بها جميع الوطن. لذلك فإن أي "تغيير" في هذه المظلة سوف "ينعكس" على جميع أفراد الوطن. لذلك تعظُم الأمانة ويثقُل الحمل.

المبايع
د. أسامة صالح حريري
أستاذ الإعلام بجامعة أم القرى

ليست هناك تعليقات: